لم تحل درجات الحرارة المرتفعة دون إكمال ما بدأه شبان من بلدة رأس بعلبك منذ أيام. لافتات دعم للجيش وأعلام احتلت شرفات المنازل والشوارع الداخلية ومدخل البلدة الغربي. لا أثر في البلدة المترامية في أقصى البقاع الشمالي لملامح خوف من اقتراب موعد تحرير جرود رأس بعلبك والقاع وما تبقى من جرود عرسال، من عصابات تنظيم «داعش» الإرهابي. تسير الحياة هنا على طبيعتها.
زحمة سير وسط البلدة، وبالقرب من بعض المنازل والمحال التجارية التي تجمّع مسنّون وشبان من البلدة بالقرب منها، يتبادلون حديث الساعة، «معركة تحرير الجرود». «نحنا أهل الراس دايماً مرفوعي الراس، لم ولن تخيفنا العصابات التكفيرية، بإرهابها وانتحارييها. بقينا ورح نبقى ومتل ما شايف الناس عم تنتظر انطلاق المرحلة الثانية من تحرير جرود السلسلة الشرقية وكلنا سند للجيش والمقاومة». هكذا يختصر المشهد ابن البلدة المحامي جاد رزق من أمام دكان عتيق في ساحة البلدة. يشارك يوسف نصرالله في الحديث: «راس بعلبك تنتظر ساعة الصفر كما وحدات الجيش المنتشرة في السهل والجرود، نترقب اللحظة التي ستنطلق فيها العمليات العسكرية، لأننا تواقون للحرية ولدينا كامل الثقة بقدرات الجيش من جهة، وقدرات المقاومة التي حررت جرود عرسال في وقت قياسي».

أهل الراس بكل فئاتهم وأحزابهم يؤيدون مساندة حزب الله للجيش



الزحمة نفسها أمام مبنى بلدية رأس بعلبك. تحضيرات تسير بشكل سريع للاحتفال الذي تقيمه البلدية وأهل الراس، «تكريماً لشهداء الجيش الذين سقطوا في أراضي رأس بعلبك ذوداً عن بلدتنا والبقاع الشمالي»، يقول رئيس البلدية العميد دريد رحال.
ويوضح لـ»الأخبار» أن لأهل الراس «قصة» مع الجيش والإرهاب، «فقد غدرت المجموعات الإرهابية بالجيش في تلة الحمرا في جرود رأس بعلبك وسقط له عدد من الشهداء، على رأسهم النقيب أحمد طبيخ، ومنذ ذلك التاريخ والراس متأهبة إلى جانب الجيش للتخلص من آفة إرهابية اسمها «داعش». ويؤكد أن أحداً من أهل البلدة لم يغادرها إلى العاصمة «لأنهم يترقبون ساعة الصفر لانطلاق العملية العسكرية بفارغ الصبر».
في سهل وجرود بلدة رأس بعلبك زادت وحدات الجيش المنتشرة من جاهزيتها للمعركة المرتقبة، من سرايا المجوقل والمغاوير إلى التدخل الأول وفوج المدفعية وكتيبة الدبابات. كل ذلك يدفع الى «التفاؤل والطمأنينة»، ناهيك عن «الداعم الأساسي للجيش وهو المقاومة». ويوضح رحال أن «أخلاقيات المقاومة وصدقها في الدفاع عن المنطقة وأهلها من صلب المواجهة المرتقبة»، لافتاً إلى فترة تعرض رأس بعلبك لأحداث دموية، عندما بادر أهل المنطقة، وفي مقدمهم حزب الله، إلى المساندة، فوضع آلياته وإمكاناته العسكرية في تصرف أهل الراس والجيش. لذلك أهل الراس بكل فئاتهم وأحزابهم يؤيدون مساندة حزب الله للجيش في معركته لتحرير الجرود، ويثمّنون تضحياته لإنهاء الحالات التكفيرية الشاذة في السلسلة الشرقية».
في رأس بعلبك التحضيرات بدأت لإحياء مهرجانات البلدة في 11 و12 و13 آب الجاري، لمناسبة عيد انتقال السيدة العذراء. ويعتبر أبناء الراس أن إحياء هذه المهرجانات «ليس سوى دليل على أن لا خوف ولا خشية من معركة تحرير الجرود طالما هناك من يحمي ويحرر الأرض والأعراض».
من الراس إلى القاع الموغلة في اتجاه الحدود اللبنانية السورية. هناك أيضاً لا يختلف المشهد. لافتة ضخمة عند مدخل البلدة كتب عليها «الثلاثية الذهبية الجيش والشعب والمقاومة... بكم انتصر وسينتصر لبنان». قبل أيام، تبرع أبناء القاع بالدم لجرحى المقاومة، وأضاؤوا الشموع ورفعوا أعلام المقاومة في ساحة البلدة أمام كنيسة مار الياس. في المكان نفسه لافتات دعم وتأييد للجيش «حامي الوطن»، ومجسم كبير لشهداء البلدة الخمسة الذين ارتقوا في تفجيرات انتحارية في 27 حزيران 2016. سميرة التوم، لم يحل قرع طبول المعركة المرتقبة دون إكمال تحضيراتها وإعدادها للمونة الشتوية. تحرك السيدة السبعينية بملعقة كبيرة ما أعدته من مربّى البندورة، مشددة على أن «ثقتها بالجيش والمقاومة كبيرة»، وأنه «آن الأوان لإنهاء معاناتنا المتواصلة منذ ستة أعوام، من استهدافنا بالقذائف والانتحاريين من جرود البلدة. اليوم، جاء موعد التحرير اللي ناطرينه واللي بيشبه تحرير عام 2000 اللي دحرت فيه المقاومة العدو الإسرائيلي». بدوره، ابن البلدة الدكتور طوني مطر اعتبر أن ثلاثية الجيش والشعب والمقاومة «ليست مقولة وإنما واقع حياتي. وكلنا أمل أن تنتهي المعركة بسرعة، سواء بالعمليات العسكرية أو المفاوضات لتتحرر أرضنا وأرزاقنا». ويرى مطر أن القاع كما البقاع بأكمله، «يتكئ يميناً على الجيش ويساراً على المقاومة والهدف تحرير الأرض، كاشفاً أن القاع قدّمت مبنيي المدرستين الرسميتين (المعهد الفني والثانوية) كمكان لإقامة قوات النخبة في الجيش مع كل متطلباتهم واحتياجاتهم اللازمة «كمساهمة بسيطة لجيشنا».