منذ أيام، أعلن أحمد عبد الله، والد لثلاثة تلامذة في ثانوية روضة الفيحاء في طرابلس، عبر «فايسبوك» أنّه تلقى كتاباً من إدارة المدرسة يبلغه عدم قبول أولاده في العام الدراسي المقبل تحت حجّة «تحريضه» على المدرسة بسبب رفعها لأقساطها السنوية.الإعلان ترك ردود فعل مختلفة في أوساط الناشطين، فمن هؤلاء من قال إن ما فعلته المدرسة غير قانوني ويمكن الوالدَ الادعاء عليها بالتعويض، ومنهم من سأل عن ذنب الأولاد على قاعدة «ولا تزر وازرة وزر أخرى».

وفي المقابل، خرج من يقول إنّ «الثانوية مدرسة خاصة وحرة تحدد أقساطها ويللي مش عاجبو يشيل ولادو ويبرم على مدرسة على قدو».
استفزّ الكلام الأخير ناشطين مطلعين على حيثيات القانون 515 الصادر في 6/6/1996 الذي يحدد وضع أصول تحديد الأقساط المدرسية في المدارس الخاصة غير المجانية، فأكدوا أن لجان الأهل هي جهة رقابية على الموازنات المدرسية ومناقشتها لجهة المصاريف والدخل، وهي لا توقّع «عالعمياني»، والاعتراض، بحسب القانون، حق وواجب، باعتبار أن المدرسة الخاصة ليست شركة تجارية (فإذا كنت لا تستطيع شراء هذه العلامة التجارية يمكنك أن تشتري أخرى)، بل هي مؤسسة لا تبغي الربح ولا تدفع ضرائب، وإذا أرادت أن تتحول إلى شركة فلتدفع ضرائب.وفي سياق متصل، خرج أحد وجهاء المدينة الذي واكب تأسيس المدرسة ليقول إنّ هذا «الكلام على أن المدرسة حرة بأقساطها، لا يجوز مطلقاً، فالثانوية حلم تحقق على يد بعض أهالي طرابلس الخيرين، وهي مؤسسة ملك لطرابلس وأبنائها وليست ملكاً شخصياً ليتحكم بها أحد». وأشار إلى أنها بدأت في منتصف القرن الماضي كـ«حضانة» للأطفال الصغار والرضع نتيجة تعاون بين جمعية مكارم الأخلاق الإسلامية في طرابلس وجمعية رعاية الأم والطفل، وقد نمت وتوسعت وأضحت على ما هي عليه نتيجة إخلاص أهل طرابلس وثقتهم بها.

الاعتراض على زيادة الأقساط حق وواجب يكفلهما القانون

أحد الناشطين التربويين في الحراك المدني قال إن «مثل هذا التدبير هو سابقة خطيرة في كمّ الأفواه، ويقطع الطريق على أيّ وليّ أمر بالاعتراض خوفاً على أولاده، فهل المطلوب أن يربى الآخرون بهذا الإجراء؟ علماً بأنّ قرار الإدارة خرق نص المادة 10 البند 8 الفقرة ب من القانون 515 التي تنص على الآتي: إذا حصل نزاع قضائي بين إدارة المدرسة وأحد أولياء التلامذة بسبب تطبيق أحكام هذا القانون، لا يحق لإدارة المدرسة اتخاذ أي إجراء بحق أولاده بسبب النزاع القائم، فكيف إذا كان النزاع خلافاً في الرأي؟».
وكان عبد الله قد نشط وآخرين من أولياء أمور طلاب الثانوية في تنظيم تحركات ولقاءات وإصدار بيانات، تعترض على رفع إدارة الثانوية أقساطها السنوية، التي تفوق قدرة غالبية الأهالي، لكن الإدارة لم تتجاوب مع مطلبهم، وكل ما فعلته تجميد رفع الأقساط مؤقتاً، في العام الدراسي الأسبق.
حجّة رفض إدارة روضة الفيحاء تجميد الأقساط، وخصوصاً بعد إقرار سلسلة الرتب والرواتب أخيراً، لم تقنع العديد من أهالي الطلاب، ذلك أن هذه المؤسسة التربوية تُعَدّ الأكبر في طرابلس والشمال، وهي من بين الأكبر في لبنان، وتبدأ مراحل تعليم الطلاب فيها من مرحلة الروضة، وصولاً إلى المرحلة الثانوية، بالقسمين الفرنسي والإنكليزي، وتتوزع مبانيها العديدة في أحياء طرابلس الجديدة، وهي تتوسع سنوياً، ما يدل على أن هذه المؤسسة التربوية تحقق ربحاً مالياً كبيراً، وخصوصاً أن متوسط قسطها السنوي لا يقل عن خمسة ملايين ليرة ونصف المليون.
عبد الله أوضح لـ «الأخبار» أن «ما قلته يُعبّر عن وجعي ووجع كثير من الناس أمثالي، لأن أقساط المدرسة لم تعد تناسب مداخيل أغلبية أهالي المدينة»، ويسأل: «هل ينتقمون من الطلاب لأن والدهم قال كلمة حق؟»، مطالباً المسؤولين، وتحديداً وزارة التربية، بالتدخل وتشكيل هيئة للرقابة على الأقساط المدرسية لمنع أي مدرسة من أن ترتكب أي إجراء مماثل.
«الأخبار» حاولت مراراً التواصل مع إدارة المدرسة بلا نتيجة، وفي كل مرة كان يأتينا جواب مختلف: «لا أحد من المسؤولين هنا، أو مشغولون ولديهم اجتماعات».
أما لجنة الأهل في ثانوية روضة الفيحاء ـ الفرع الإنكليزي ولجنة أولياء الأمور، فقد عقدتا اجتماعاً طارئاً، السبت الماضي، طالبتا في إثره سحب القرار وتقديم الاعتذار للأب والبحث عن الصيغة المناسبة للتعويض المعنوي عليه، نظراً إلى الإساءة التي تعرض لها. واستنكرت اللجنتان في بيان مشترك قرار الفصل الذي «لا قانونية له ويتعارض مع مبادئ وقيم المؤسسات التربوية والأخلاق المنبثقة منها المدرسة». كذلك أدانت اللجنة بعض الممارسات التي اعتادت الإدارات المتعاقبة على المدرسة ممارستها، منها على سبيل المثال إنشاء لجان أهل صورية لتمرير موازنتها السنوية التي أدت إلى زيادات غير منطقية في الفترة الأخيرة من دون حسيب أو رقيب من قبل الأهالي الذين أعطوها ثقة مطلقة ومن قبل السلطة الرقابية في الوزارة المعنية. وقالت اللجنة إنّ «غلاء المعيشة لا يبرر ارتفاع معدل الأقساط السنوي من عام 2012 وحتى اليوم من مليون و200 ألف ليرة إلى خمسة ملايين ونصف مليون ليرة، أي بزيادة خمسة أضعاف، وتبشرنا الإدارة الحالية، بحجة إقرار السلسلة، بزيادة تصل إلى مليون ونصف مليون ليرة». ويذكر البيان أن لجنة أولياء الأمور، وعبد الله عضو فاعل فيها، نشأت منذ سنتين نتيجة الزيادات المجحفة على الأقساط وغياب الدور الحقيقي للجنة الأهل الرسمية المنتخبة صورياً، وتابعت مشاكل الأهالي وهمومهم، وحازت توقيع 1400 وليّ أمر فوضوا إليها التحدث باسمهم.

* للمشاركة في صفحة «تعليم» التواصل عبر البريد الإلكتروني: [email protected]