شهدت بيروت مساء أمس افتتاح مجمّع ABC في منطقة فردان بعد سنتين على انطلاق أعمال البناء فيه. طال الانتظار بالنسبة إلى كثيرين. بعضهم كان يترقب اللحظة حماسةً لاكتشاف الجديد الذي ستقدمه العلامة التجارية الرائدة، والبعض الآخر خوفاً من تأثير المجمع الجديد على أعمالهم وقدرتهم على المنافسة، أو على ازدحام السير في محيط مكتظ أساساً. لكن يبقى أن الحدث في حدّ ذاته يتعدى الإطار التجاري والاقتصادي. وتبقى المسألة أكثر من مجرد افتتاح مجمّع مهما كانت ميزاته. معجمياً، تعتبر ABC مرادفاً للأبجدية. في فردان واصلت مجموعة ABC خطّ أبجديتها بتميّز وكتابة قصة نجاح لبنانية.
المعرفة المسبقة بكلفة المشروع وضخامته والحديث المتداول عن التصميم المميز يفترض بهما أن تمحوا عامل الدهشة. مجمّع جديد سيفتتح. خبر قد يمر مرور الكرام في زمن طغت فيه المجمعات التجارية على ثقافة الاستهلاك وباتت تشكل جزءاً لا يتجزأ من هوية المدن. تتجه إلى حفل الافتتاح وفي بالك حسرة على مدينة قضمها الإسمنت، بعدما أصبحت المدينة عبارة عن مجمّع كبير...
لكن في فردان حكاية أخرى. تفوّقت مجموعة ABC على نفسها، وعلى الأفكار المسبقة عن «المولات». للمجمّع الجديد DNA خاص به. لا يشبه ما سبقه. يغرّد وحيداً عن سرب «المولات»، ليرفع معايير التحدي إلى مستوى أعلى، وليفرض نفسه مرجعاً ومعياراً لكل مركز تجاري قد يبنى في المستقبل.
الانبهار سيد الموقف. هذا ما يجمع عليه المدعوون إلى حفل الافتتاح. في الواقع، السؤال لا يعدو أكثر من واجب مهني. فالجواب حاضر مسبقاً ويمكن تلمّسه على الوجوه. مطاعم عدة فتحت أبوابها خصيصاً لمواكبة الحفل، فيما مجموعة من الراقصين التشكيليين يرسمون بأجسادهم لوحات فنية راقية على وقع موسيقى هادئة. تحاول أن تواكب تحركاتهم وتمايلاتهم، لكن العين لا تلبث أن تعود لتتأمل هندسة المجمّع. هل غلب الإسمنت الفن؟ هل طغى الحجر على النوتة الموسيقية؟ في الواقع، في ABC فردان لا تشعر بأنك في مجمّع. أنت في الهواء الطلق. يصعب تخيّل أن يتحول مجمّع إلى فسحة للنقاهة والهدوء. نظرة من الأسفل تشعرك وكأن المهندس أراد أن يمتحن الجاذبية، وبأن السلالم الكهربائية ليست أكثر من كماليات. تحليق لا إرادي يتملكك.
أما نقطة الجذب المحورية فهي الحديقة التي تمتد على مساحة 1800 متر مربع، والتي صمّمها المعماري الشهير فلاديمير دجورفيك. تعليمات رجال الأمن كانت تقضي بمنع التجوال في الحديقة يوم الافتتاح. لكن إصرار المدعوين غلب القوانين. المدهش أن ترى مجموعة من الناس تستميت للدخول إلى حديقة... وبعضهم يتصور إلى جانب شجرة! ندرة الشجر باتت تستحق «سيلفي». وفي قلب الحديقة بركة مياه استوطنتها مجموعة أسماك برتقالية اللون... لكن من دون خلفية سياسية!
تجارياً، المجمّع أجّر 90% من متاجره ومطاعمه. أمر لا يثير الاستغراب، خاصة أن جولة في فردان والشوارع المحيطة تبيّن حجم المحال التي أعلنت قرب نزوحها إلى الـABC أو التي أغلقت أبوابها وانتقلت منذ مدة.
في كلمة إلى «الأخبار» عن المجمّع الجديد، رأى رئيس مجلس الادارة المدير العام لـABC، روبير فاضل، أن الافتتاح دليل «التزام بلبنان»، مكرراً ما أشار اليه في كلمة الافتتاح من أنه لو أخذ في الاعتبار الظروف السياسية والاقتصادية في لبنان والمنطقة «فما من مستثمر عاقل كان ليقوم بما أقدمنا عليه».
ِABC فردان شرّع أبوابه. للبعض سيتسرّب نسيم عليل من هذا الباب. أما البعض الآخر، من صغار التجار، فلهم أن يخشوا من أن يكون هذا الباب مدخلاً لعواصف عاتية عليهم.