بعد 11 عاماً على حرب تموز 2006، والانتصار الذي حققته المقاومة بعد 33 يوماً من القتال والاستبسال، ما زالت خفايا وكواليس هزيمة العدّو تتكشف حتى اليوم. «جنرالات الهزيمة» (إعداد وتنفيذ حسن حجازي، أحمد عمار، محمد شعيتو- مخرج منفذ سماح قبيسي) الذي تعرضه «المنار» بعد غد الأحد، يوثّق للمرة الأولى الصراعات التي نشأت في حرب تموز، بين الجنرالات العسكرية والقادة الميدانيين، وتخرجها الى العلن بالصوت والصورة، متكئة على تقارير ومقابلات من الإعلام العبري، لا سيما «القناة العاشرة».
بعد هزيمة العدو في بلدة مارون الراس الجنوبية، والضربات الموجعة التي تعرضت لها قوات النخبة الإسرائيلية، وتفتيشه عن نصر صوري يحققه، ويروّج له دعائياً، اتجهت الأنظار إلى بلدة «بنت جبيل»، لما لها من رمزية عسكرية ومعنوية كبيرة، في محاولة للاستحصال على صورة يرفع فيها العلم الصهيوني، في المكان الذي ألقى فيه الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، خطاب النصر بعد التحرير (2000) الذي أطلق عليه لاحقاً «خطاب بيت العنكبوت» (شبّه السيد كل الغطرسة الإسرائيلية وآليتها العدوانية بأنها أوهن من بيت العنكبوت). أمر أعطاه رئيس هيئة أركان الجيش الإسرائيلي دان حالوتس، وسرعان ما قوبل بتمرّد وانتقادات شديدة لتحويله قوات النخبة الى مجرد «كبش محرقة» كما قال غال هيرش قائد فرقة «الجليل» وقتها.

يستعرض الشريط تخبط جنرالات اسرائيل حول دخول المدينة


يستعرض الشريط الوثائقي (40.21 د) هذه المرحلة من الحرب، وتحديداً لحظة تصارع وتخبط الجنرالات العسكرية الإسرائيلية إزاء الدخول إلى هذه البلدة، مع تمرّد حاصل من القادة الميدانيين، بسبب صعوبة اختراق حتى الخطوط الأمامية للبلدة الجنوبية، والدخول في مستنقع حيث الخروج منه مكلف جداً في عداد وعتيد فرق النخبة الصهيونية. صراعات بين قائد فرقة «الجليل» آنذاك غال هيرش، الذي كلف بدخول «بنت جبيل»، وبين أمنون أيشل قائد اللواء 7، الذي رفض الدخول خوفاً من سقوط جنوده، مما أحدث تصدعاً منذ اللحظات الأولى لبدء الحرب. ينقل لنا الفيلم، تسجيلات الكاميرا التي رافقت غرف عمليات الجيش الصهيوني، وكيفية التخطيط والتنفيذ والضغط الذي مورس على القادة الميدانيين لدخول «بنت جبيل» ورفضهم محاولة توريطهم. تولت «القناة العاشرة» نقل هذه التسجيلات، التي لقيت بدورها انتقاداً شرساً من هيرش، إذ شبه ما كان يحصل في غرف العمليات بأنه أشبه بـ «برنامج افتراضي».
عجز لواء «غولاني» عن تحقيق أي تقدم داخل البلدة، وتكبّد خسائر على أطرافها وصلت إلى 10 قتلى وقتها وأكثر من 20 جريحاً. وترافق ذلك مع دعاية صهيونية، تدّعي بأن هؤلاء دخلوا بالفعل إلى «بنت جبيل»، على اعتبار أن دخولها وتحطيمها، «سيغيّر صورة الحرب»، مما دفع السيد نصر الله، إلى تكذيب إعلام العدو والتأكيد بأنه لم تتم السيطرة على هذه البلدة.
يفتتح الشريط بأشهر عبارة للسيد نصر الله عن «إسرائيل» بأنها «أوهن من بيت العنكبوت»، ويختتم بالمشهد نفسه، بعد استعراض إخفاقات الجيش الصهيوني ونخبه العسكرية في احتلال ولو شبر من «بنت جبيل» أو «مارون الراس» وغيرهما، ودخوله لاحقاً في لعبة الصراعات وتبادل الاتهامات بين جنرالاته وقادته الميدانيين. يظهّر الشريط مرة أخرى صورة الانتصار الذي خطّ في آب (أغسطس) عام 2006، وعجز العدو حتى في حملاته الدعائية، عن تحقيق «نصر» صوري، وتبيان مرة أخرى حجم الهزيمة التي طالته وطالت عقوله العسكرية المتمثلة في الجنرالات.
* «جنرالات الهزيمة» الأحد عند الساعة 22:30 على شاشة «المنار».