يبدو أنّ نسرين طافش (الصورة) قرّرت أن تحترف الغناء. بعد تجربتها المتواضعة «متغيّر علي» (كلمات وألحان إياد الريماوي، توزيع جان ماري رياشي. صوّرتها على طريقة الفيديو كليب تحت إدارة المخرج سعيد الماروق)، قلنا أنّها لن تسلك الدرب ذاته مرّة ثانية. لكن النجمة السورية تملك الإرادة الكافية للصمود مهما تعرّضت لحملات نقدية. هي تعتبر أن بقاءها تحت دائرة النقد أو الاصطياد، أحد أسباب نجاحها الاستثنائي (؟!).
هكذا، وقبل أيّام، أعادت نجمة مسلسل «جلسات نسائية» (أمل حنا والمثنى صبح) الكرّة، لكن من خلال أغنية تحاكي اللهجات المغاربية بعنوان «123 حبيبي» من كلمات سمير المجاري وألحان جان صليبا.
الكلام الذي يحتاج إلى ترجمة فعلية إلى العربية باعتبار أنّه في معظمه غير مفهوم، لا يقلل من شأن الأغنية المصنوعة بمزاج واضح. تجيد طافش اللكنة باعتبار أنّ أمها جزائرية، كما يبدو صوتها أفضل حالاً نتيجة التقنيات الحديثة. وبالفعل حصدت الأغنية ملايين مرات الاستماع على تطبيق «أنغامي» الذي تفرّد بطرحها، فيما يجري التحضير لتصويرها على طريقة الفيديو كليب. بطبيعة الحال، صار يعرف القاصي والداني أن حجم المتابعات لا يعطي حكم قيمة مضاف لأي عمل فني باعتبار أن مسلسل «باب الحارة» مثلاً هو أشهر أعمال الدراما السورية وأكثرها رداءة في الوقت ذاته. كما أن مغنيات لا يملكن الحد الأدنى من الموهبة أصبحن نجمات الصف الأوّل في العالم العربي.
في تجربتها الجديدة، تضيف طافش رقماً على سجلها الفني، وتفلت من مصيدة النشاز، وتقفز فوق مطب الانحدار، الذي تقع فيه كثيرات من المغنيات المكرّسات، لكنّها تصر على بقائها في مكانة متأخرة كمغنية بعيداً عما صنعته من حضور في التمثيل.
فعلياً، وإن كان لابد من أن تقال الأشياء كما هي، ما ينقص نجمة «الانتظار» (حسن سامي يوسف ونجيب نصير والليث حجو) هي براعة وحنكة زميلها ومجايلها باسل خيّاط مثلاً باعتبار أن نجم الكاريزما السوري يمتلك خامة صوت جيّدة، لكنّه لم يتهوّر ولا مرة في إصدار أغنية، أو يحرف بوصلته نحو هذا الاتجاه. رغم أن المجلات الفنية تداولت ذات مرّة قراره بالغناء، إلا أنه احتفظ بما يملكه من صوت وقدرته على أداء الأغاني وتعمّقه في عالم الموسيقى لصالح موهبته الأصيلة في التمثيل. فبرع بطريقة مبتكرة واستثنائية في تجسيد دور عازف الساكسفون المهووس في مسلسل «30 يوم» (تأليف مصطفى جمال هاشم، إشراف على الكتابة أحمد شوقي، إخراج حسام علي)، كما سبق أن أجاد دور «أبو خليل القباني» في مسلسل يروي سيرته أخرجته إيناس حقي.
ربما تنتظر طافش التصفيق دوماً وإشاحة البصر عن الحقيقة، لكنّها لو دققت مليّا في مكانها كمغنية حالياً أو بعد عشر سنوات أيضاً، لأعادت النظر في مشروعها الغنائي وربما طوّعته بمرونة وحرفية ورشاقة نحو ما صنع لها اسمها ونجوميتها وحضورها، أي التمثيل.