موسكو | احتفظ مارسيل دوسايي بالأناقة والهدوء اللذين طبعا حضوره الكروي دائماً، فبقيت الصورة النمطية الراسخة في البال عنه كمدافع صلب وشرس. بطل كأس العالم 1998 مع المنتخب الفرنسي و«صخرة» مرسيليا وميلان الإيطالي، وتشلسي الإنكليزي، سرق الأضواء على هامش المؤتمر الصحافي لإعلان جولة كأس العالم على المدن الروسية قبيل انطلاق البطولة العام المقبل.
قبل لقاء «الأخبار» معه، استأذن لبعض الوقت لإفساح المجال أمام صحافي حضر من الكاميرون طالباً تصريحاً منه، فيمازح قائلاً: «يميل قلبي إلى الأفارقة».
وبعد انتظار طال لأكثر من 15 دقيقة يعتذر لتأخره ويحتال على مديرة المراسم في الاحتفالية ليعطي المقابلة حقها.
بدأ دوسايي حديثه من الحدث الأخير، أي كأس القارات، ليعتبر أن البطولة كانت مميزة، إن كان على صعيد التنظيم، أو أداء المنتخبات المشاركة. بطل كأس القارات مرتين مع «الديوك» لم يخفِ حسرته على عدم فوز المنتخب التشيلي بالبطولة، فبرأيه منتخب «لاروخا» كان «الأفضل تنظيماً وأداءً»، إلا أنه أبدى إعجابه بشباب المنتخب الألماني المتوجين بالبطولة، ويضيف: «ينتظرنا جيل ألماني تاريخي».

يختصر دوسايي
رأيه بكأس القارات بالقول: «ينتظرنا جيل ألماني تاريخي»

وبالحديث عن التنظيم واستعدادات روسيا لتنظيم كأس العالم العام المقبل، يبدي دوسايي إعجابه بما سمّاه «التجربة الروسية»، ويستفيض بالقول: «هي مفاجأة إيجابية»، في إشارة إلى حجم الاستعدادات والجهد المبذول. ويعطي مثالاً من خلال المكان الذي جرت فيه المقابلة، أي ملعب «لوجنيكي» الذي سيستضيف المباراتين، الافتتاحية والنهائية، لكأس العالم 2018، مشيداً بالتجهيز الضخم في الملعب.
ولم ينسَ النجم الفرنسي الإشادة بالحكومة الروسية التي برأيه أدركت جيداً أهمية «تقديم صورة مميزة عن روسيا»، وهو ما يبدو جليّاً من خلال حجم الأعمال المنجزة حتى الآن. ويضيف قائلاً: «لقد بذلت الحكومة جهوداً جبارة، هي الاستعانة بأشخاص ذوي كفاءة».
وبالحديث عن روسيا، فقد ذهب الحديث ليتطرق إلى المنتخب الروسي، فتمنى دوسايي أن يفاجئ «الدب الروسي» العالم ويفوز بالبطولة، رغم صعوبة الأمر. دوسايي قدّم بحكم خبرته نصائح إلى المنتخب الروسي لتحقيق «المعجزة» من خلال ما سمّاه «خلق ديناميكية على أعلى مستوى للفوز، وهو ما يفتقده الآن»، إضافة إلى «العمل بجهد أكبر وتنمية روح الفريق. نحن الفرنسيين كنا محظوظين بوجود زين الدين زيدان. أما الروس فلا يملكون هذا الاستثناء». ويشدد على أهمية أن يستغل المنتخب عاملَي الأرض والجمهور اللذين يشكلان برأيه «قوة تخلق مشاعر أقوى للفوز وترفع الأدرينالين عند اللاعبين».
وإن كان الحديث عن الجانب الفني لكأس العالم المقبلة لا يزال مبكراً الحديث عنه، إلا أن دوسايي قدم لائحة بالمنتخبات المرشحة برأيه للذهاب بعيداً بالبطولة، وعلى رأسها منتخبات ألمانيا، البرازيل، الأرجنتين، فرنسا، إنكلترا، وفرنسا.
وردّاً على سؤال عن قدرة «الديوك» على الفوز بالبطولة وما ينقصهم، يوضح دوسايي أن المنتخب الأزرق يملك مجموعة ممتازة من اللاعبين الشبان الذين يملكون الإمكانات التقنية والموهبة للفوز، إلا أن ما ينقصهم بحسب رأيه لاعب يملك شخصية القائد، قادر على إدارة المنتخب جيداً.
ورأى دوسايي أن منتخبات أميركا الجنوبية، وتحديداً البرازيل والأرجنتين، أمام ضغط أكبر من المنتخبات الأوروبية، وذلك لأن البطولة في نسخاتها الثلات الأخيرة كانت من نصيب، إيطاليا، إسبانيا، وألمانيا، وبالتالي فإن هذين المنتخبين مطالبان بتقديم أفضل صورة لكسر احتكار فوز «القارة العجوز».
من كأس العالم إلى «الميركاتو» الصيفي، ينتقل الغاني الأصل بكلامه للحديث عن المبالغ المدفوعة، فقد رأى أن الأرقام التي تدفع منطقية، لأن «كرة القدم أصبحت تجارة يستفيد منها الجميع، من سائق التاكسي إلى أصحاب المقاهي والمطاعم والفنادق وشركات السياحة».
ولكن ألا يضرّ ذلك بمتعة اللعبة؟ يجيب نافياً ومشدداً على أنّ علينا تقبل الفكرة والتأقلم معها، لأن كرة القدم الحديثة تحتاج لضخ الأموال الكثيرة.
وبما أن الحديث عن «الميركاتو»، كان لا بد من الحديث عن فريق ميلان الإيطالي الذي فاز معه دوسايي بالعديد من البطولات، أبرزها دوري أبطال أوروبا عام 1994. فقد أعرب عن سعادته بعودة فريقه السابق إلى سوق الانتقالات بقوة وتوظيفها مبالغ كبيرة في شراء لاعبين بارزين سيشكلون إضافة برأيه إلى مجموعة الشبان الذين يملكهم الفريق. ويضيف: «إنها مسألة وقت، وعلينا الانتظار على الأقل 3 سنوات لنكون أمام فريق ميلان البطل».

اعتبر صخرة «الديوك» السابق أن فرنسا تملك المواهب، لكنها
تفتقر إلى القائد

أما عن حلمه بتدريب منتخب غانا، فيجيب مبتسماً: «الحلم لا ينتهي، لكنه يحتاج لعمل لينضج». سؤال يأخذنا إلى آخر عن رأيه بالتجربة التدريبية لزملائه المتوجين بكأس العالم 1998، زيدان، ديدييه ديشان، ولوران بلان، فيقول إن تجربتهم ناجحة، وتحديداً زيدان الذي «وضع اسمه بين المدربين الكبار خلال فترة وجيزة».
أما ديشان، فقد رأى أن ما قدمه حتى الآن مع منتخب الفرنسي جيد وممتاز بانتظار أن يقوده إلى الفوز بلقب كبير، بينما يحتاج شريكه السابق في خط الدفاع، أي بلان لوقت إضافي لإثبات نفسه «فهو ظُلم من قبل باريس سان جيرمان».
لا يزال دوسايي يحمل المفاجآت لكل من يواجهه، فيختم حديثه عن بيروت التي «سمعت عنها كثيراً، وفي بالي أنها مدينة ساحرة»، متمنياً أن يتلقى دعوة لزيارتها قريباً ليتعرف إليها أكثر، وليساعد على تشجيع أهلها على الاهتمام بكرة القدم.