في أعقاب التطورات الدراماتيكية في التحقيقات المتصلة بصفقة الغواصات والسفن الحربية بين إسرائيل وألمانيا، قرّرت الأخيرة إرجاء التوقيع على اتفاق التفاهمات، الأمر الذي يشير إلى احتمال إلغاء الصفقة نهائياً في حال ثبوت تهم الفساد الموجهة إلى مسؤولين إسرائيليين، معظمهم مقربون من رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو.
أجّلت ألمانيا التوقيع على تفاهمات صفقة الغواصات مع إسرائيل بسبب التطورات التي طرأت على تحقيقات الفساد التي تجريها الشرطة الإسرائيلية، في ملف صفقة الغواصات التي باتت تعرف إسرائيلياً بـ«القضية 3000». فبعدما كان من المفترض أن تعقد مراسم التوقيع على مذكرة التفاهمات خلال الأسبوع المقبل، قررت الحكومة الألمانية تأجيل التوقيع.
ووفق ما كشفته صحيفة «يدعوت أحرونوت» أمس، فإن سفير إسرائيل لدى ألمانيا، يعكوف هداس، كان يفترض أن يوقع بنفسه على الصفقة، لكنه تلقى رسالة من الحكومة الألمانية تبلغه فيها بتأجيل التوقيع حتى موعد آخر لم يُحدد بعد.
يأتي ذلك في أعقاب كشف «القناة الثانية» الإسرائيلية، أول أمس، عن أن الوسيط بين شركة الغواصات الأمانية «تيسنكروب» ووزارة الأمن الإسرائيلية، ميكي غنور، يجري مباحثات متقدمة مع الشرطة الإسرائيلية للتوقيع على اتفاق «شاهد ملك»، يحظى بموجبه بالحصانة، أو صفقة ادعاء متساهلة. في المقابل يكشف عن ملفات فساد المسؤولين الإسرائيليين المتورطين في الصفقة.

بموجب التفاهمات تتنصل ألمانيا من الصفقة إذا ثبت وجود فساد

وقد رجّحت «يدعوت» أنه في حال توصُّل غنور مع الشرطة إلى اتفاق «شاهد ملك»، فمن المحتمل أن تلغي الحكومة الألمانية الصفقة نهائياً. ولفتت إلى أن المدير العام لوزارة الأمن الإسرائيلية، أودي آدم، سافر إلى ألمانيا والتقى نظيره هناك، وتباحثا بمواصلة الإجراءات لتنفيذ الصفقة، ومنع أي محاولات لإلغائها.
في غضون ذلك، عبّر مسؤولون إسرائيليون رفيعو المستوى في حديثهم إلى الصحيفة عن «أملهم بانتهاء التحقيقات بشبهات الفساد لتسريع إبرام الصفقة وتجنب إمكانية إلغائها»، لكنهم أشاروا إلى أن «الموضوع يتعلق بتأجيل التوقيع على مذكرة التفاهمات وليس إلغاء الصفقة».
وكانت السلطات الألمانية والإسرائيلية قد توصلتا أخيراً إلى تفاهمات بموجبها تُلغى المفاوضات بين الجانبين وتلغى صفقة الغواصات والسفن الحربية. وذلك فقط إذا توصلت الشرطة الإسرائيلية في نهاية تحقيقاتها إلى نتيجة تفيد بوجود شبهات فساد.
ففي خلال لقاءات سابقة جمعت بين وفد إسرائيلي وآخر ألماني ضما مسؤولين وموظفين كباراً، أضيف بند جديد إلى نص التفاهمات الأولية، بموجبه تتنصل ألمانيا من الصفقة، وتنسحب إذا ثبت وجود فساد أثناء التوصل إلى الصفقة.
لكن مذكرة التفاهمات الجديدة التي كان من المفترض التوقيع عليها الأسبوع المقبل، تقضي ببيع ألمانيا لإسرائيل ثلاث غواصات، بتمويل ثلث تكلفتها. وبحسب ما قاله موظف إسرائيلي كبير مطلع على الموضوع، فإنه في حال توقيع مذكرة التفاهم بين البلدين، من المتوقع أن يفتح مجدداً باب المفاوضات المتعلقة بالاتفاق وتفاصيل الصفقة، وهي مفاوضات قد تستمر حتى نهاية عام 2019.
وبالعودة إلى إمكانية أن يصل غنور إلى اتفاق مع الشرطة، تحدثت تقارير إسرائيلية عن أن ذلك من شأنه أن يثبت تورط نتنياهو بنحو مباشر في القضية. لكن، في الوقت نفسه استبعدت وسائل إعلام إسرائيلية أن يورط غنور نتنياهو، ولا حتى محاميه الشخصي، دافيد شيمرون، الذي جرى التحقيق معه بصفته محامياً وممثل شركة «تيسينكروب» أثناء صفقة البيع.