زحلة | في لبنان اليوم «كلام كثير» عن موضوع الكهرباء ومتفرعاته وتداعياته... لكن، لا تبدو مدينة زحلة وبعض قراها المجاورة معنية بالأمر. إنها منطقة تتمتع بنعمة الطاقة الكهربائية 24/24 منذ أواخر عام 2014. تغيرت حياة الزحلاويين إلى حدٍّ كبير خلال ثلاث سنوات. مفردات لم تعد في التداول، وفواتير اندثرت وحياة استقرت دورتها الإنتاجية والاجتماعية والاقتصادية إلى حد بعيد وانعكس ذلك على أغلب القطاعات في المدينة.
مع كل هذا، ليست الصورة «وردية» جداً في عروس البقاع. ما ينتظر اللبنانيون أن يتحقق في مناطقهم يثير الريبة في المدينة والقرى المحيطة بها، خصوصاً أن التزام شركة كهرباء زحلة «قد» ينتهي أواخر عام 2018، ليظهر السؤال الكبير حينها: ماذا بعد؟
الأكيد أن في زحلة والجوار قراراً جازماً لدى الأغلبية المطلقة بأن لا عودة إلى الوراء... مهما يكن الثمن!
كيف تبدو «جارة الوادي» هذا الصيف، وكيف انعكس موضوع انتظام التيار الكهربائي وانخفاض أكلافه على حياة الناس والقطاعات الاقتصادية؟ جولة في المدينة تكشف أن هناك «عجقة» إلى حدٍّ ما في شوارعها وأسواقها ومطاعمها، زحمة قد لا ترقى إلى المستوى المرجو، لكن المدينة في موسم هذا الصيف تبدو أنها تنبض بالحياة.

لن نرضى بـ 23

منذ أواخر عام 2014، تعمل «شركة كهرباء زحلة» على توفير الكهرباء لمدينة زحلة و17 بلدة مجاورة من دون انقطاع بفضل الترخيص الممنوح لها. ثلاث سنوات والمدينة ومحيطها يعيشان تجربة متميزة بعد معاناة طويلة اختبروها كسائر اللبنانيين.
نهاية عام 2018 من المفترض أن ينتهي الامتياز الممنوح لشركة كهرباء زحلة. أسئلة كثيرة تُطرح في المدينة عن مستقبلها الكهربائي، لكن الجواب واحد وحاسم، بأن الماضي ولّى إلى غير رجعة، ولن يرضى سكان المدينة وجوارها بأقل مما هو متوافر الآن.
يشير نائب رئيس بلدية زحلة أنطوان أبو يونس إلى أنه «في حال قررت وزارة الطاقة أن توقف الامتياز من دون أن تؤمن لنا البديل والكهرباء من دون انقطاع، فسنكون أمام مشكلة كبيرة على صعيد زحلة لا يمكن التساهل فيها. فنحن لسنا مستعدين لأن نضع رقابنا تحت سلطة أصحاب المولدات مجدداً. ولن نرضى حتى بـ 23 ساعة من أصل 24».

ساعدت الكهرباء
على اجتذاب العديد من الاستثمارات
إلى المدينة

من جهته، يشدد رجل الأعمال إيلي غطاس على أن «المخاوف جدية في زحلة من أن نعود العام المقبل سنين إلى الوراء وإلى زمن التقنين الكهربائي. مطلبنا واحد، وهو أنه وفي حال لم تكن الدولة قادرة على تأمين الكهرباء بشكل متواصل، فيجب تجديد الترخيص».

كهرباء فتجارة واستثمارات

مطالب أهالي زحلة والجوار ليست من باب «البريستيج». فوائد الكهرباء أكبر بكثير من مجرد توفير «النور»، خصوصاً من الناحية الاقتصادية.
وفقاً لرئيس جمعية التجار في زحلة إيلي شلهوب «كان للكهرباء تأثير إيجابي كبير علينا كتجار. حسب المعلومات كان يصرف شهرياً حوالى 11 مليار ليرة لبنانية على مولدات الكهرباء في زحلة والقرى التي يشملها الامتياز. ولكن، منذ أن تسلمت شركة كهرباء زحلة زمام المبادرة، انخفضت الكلفة إلى حوالى 5 مليارات ليرة فقط، وبالتالي فإن المبلغ الذي تم توفيره أعيد ضخ جزء كبير منه في الأسواق التجارية ما أنعش الحركة».
ويوضح شلهوب أن «انقطاع الكهرباء ليلاً كان يؤثر على الحركة التجارية سلباً إذ كانت الأسواق معتمة وتفتقر إلى الرهجة. أما توفر الكهرباء على مدار الساعة فقد شجعنا كتجار على فتح متاجرنا ومؤسساتنا حتى أوقات متأخرة ما اعتدنا عليها سابقاً. ففي زمن المولدات كنا نغلق باكراً كون السؤال الذي كان يراودنا هو: هل نحن قادرون على تحقيق أرباح كفيلة بتعويض فاتورة المولد؟».
وساعدت الكهرباء على اجتذاب العديد من الاستثمارات إلى المدينة، ما ساهم في تحريك الدورة الاقتصادية. ويشير رجل الأعمال إيلي غطاس إلى فورة في المشاريع السياحية والصناعية والتجارية في المدينة، «يشجعها، إضافة إلى الكهرباء الأوتوستراد الغربي الذي يقال إنه لا زال يحتاج إلى سنتين. وبالتالي تكون المنطقة قد شهدت نهضة في البنية التحتية ما بين كهرباء ومواصلات ما يعزز النمو، خصوصاً أن المسافة من بيروت إلى زحلة لن تستغرق حينها أكثر من 25 دقيقة».
لكن هذا لا يخفي وجود مطالب إضافية من شركة كهرباء زحلة. فعلى سبيل المثال، يكشف عضو بلدية زحلة وصاحب «مطعم عرابي» العريق جان عرابي أن «المنازل شعرت بالفارق من حيث الكلفة أكثر من المؤسسات السياحية بحكم الفرق في الاستهلاك»، داعياً إلى منح الفنادق في المدينة تعرفة خاصة تشجيعاً للسياحة.

* [email protected]