في جلسة إقرار موازنة وزارة التربية، طلبت لجنة المال والموازنة النيابية برئاسة النائب إبراهيم كنعان من الوزارة تزويدها بتقرير يحدد عدد المدارس المجانية والتلامذة والآليات المعتمدة ومدى قيام التفتيش المركزي بدوره من عدمه، وأسباب تأخير المستحقات التي يردّها البعض إلى البيروقراطية لجهة استغراق سنة في المعاملة وسنة أخرى لإدراجها في الاعتماد وسنة للدفع.
وكانت هناك دعوة لدفع المتأخرات 4 سنوات لمن يقوم بعمله. اللجنة تنتنظر أن يجيب تقرير الوزارة عن أسئلة مثل: ماذا سنفعل بـ270 ألف تلميذ يدرسون في المدارس المجانية في حال إقفال هذه المدارس من دون تقديم بديل لها؟ وماذا عن قدرة الدولة على تقديم التعليم لتلامذة المدارس المجانية؟ وهل هناك فعلاً مدارس وهمية ليصار إلى إقفالها؟
في الواقع، ليس هناك 270 ألف تلميذ في التعليم الخاص المجاني، فالعدد لا يتجاوز 142 ألفاً و307 تلامذة، بحسب آخر إحصاء للمركز التربوي للبحوث والإنماء للعام الدراسي 2015 ــ 2016، باعتبار أنّ هذا القطاع يمثل بحسب الإحصاء نفسه 13.7% من التعليم في لبنان الذي يضم مليوناً و38 ألفاً و738 طالباً. ويتوزع هؤلاء على نحو 370 مدرسة مجانية.

لا يقلّ سعر بيع
الرخصة عن 550 ألف دولار والإيجار عن
120 مليون ليرة

لكن هل ستُعدّ وزارة التربية مثل هذا التقرير الذي تطلبه لجنة المال وتقفل هذا الملف الشائك؟ وهل سيؤخذ فعلاً بنتائج التقرير إذا ما أُنجز، أم سيلقى مصير تقارير كثيرة كتبت مثلاً بشأن فضائح بعض المدارس الخاصة المسماة «دكاكين تعليم»، وكُشفت يومها الأسماء، فيما لم يصل هذا الملف إلى مكان، ولم يحاسب أي من أصحاب المدارس أو موظفي الوزارة المرتكبين؟ وهل سيكشف التقرير أنّ التدقيق في البيانات الإحصائية لهذه المدارس يشوبه «البرطيل» وتشابك المصالح مقابل التغطية على التلاعب بأعداد التلامذة وغضّ الطرف عن أسماء وهمية أو تسجيل مزدوج لتلامذة في المدارس المجانية والمدارس الرسمية في آن واحد، بهدف مضاعفة مساهمة الدولة، ما يعني استفادة عدد كبير من المدارس من أموال عمومية في مقابل نوعية تعليم سيئة، فضلاً عن فساد وتزوير في أعداد المستفيدين؟ ماذا لو علمنا أن سعر بيع رخصة مدرسة مجانية يصل إلى 550 ألف دولار بالحد الأدنى، وأن تأجيرأو ضمان الرخصة لا يقل عن 120 مليون ليرة سنوياً، وهناك مديرو مدارس لديهم أكثر من 20 رخصة مدرسة مجانية، ما يعني أنهم يتقاضون ثمن إيجار الرخص نحو مليوني دولار سنوياً؟ ماذا عن الإكراميات و«الحلوينة» التي تدفع لموظفي الوزارة لغضّ النظر عن الارتكابات؟ وهل سيكشف فعلاً النقاب عن المؤسسات الدينية التي تستأجر رخصاً من جمعيات وهمية وتشكل دروع حماية لها؟