كيف لفريق يملك أفضل قلب دفاع في العالم، وأفضل ظهير أيمن في العالم، أن يخسرهما في ظرف أيام معدودة؟ وكيف إذا كان هذا الفريق هو يوفنتوس الذي يشتهر بدفاعه الصلب، والذي مرّ عليه أفضل المدافعين، مثل تشيرو فيرارا وكلاوديو جينتيلي وجيانلوكا بيسوتو وجورجيو كييليني والألماني يورغن كولر والفرنسي ليليان تورام، وغيرهم الكثير الكثير؟
هذا ما حصل بالضبط مع ليوناردو بونوتشي الذي بيعَ بـ 42 مليون يورو للغريم ميلان، والبرازيلي داني ألفيش الذي فسخ عقده والتحق بباريس سان جيرمان الفرنسي، بعد أن شكّلا مركزَي ثقل في «اليوفي»، وتحديداً بونوتشي الذي مضى على وجوده في الفريق 7 سنوات. وهذا ما تجلى بصورة واضحة في الموسم الماضي، حيث كانا من أبرز اللاعبين الذين أوصلوا «البيانكونيري» إلى نهائي دوري أبطال أوروبا.
ثمة العديد من الأسئلة وعلامات الاستفهام تُطرح هنا حول ما حصل برحيل هذين المدافعين، وفي مقدمتها الطريقة المشابهة التي غادرا فيها ملعب «يوفنتوس ستاديوم» إثر خلافات في صفوف الفريق.
ففيما كانت صورة يوفنتوس التي ظهر عليها في الموسم الماضي تُظهره فريقاً متماسكاً ومتحداً، فإن الوقائع التي تكشّفت أخيراً أظهرت عكس ذلك، إذ بالنسبة إلى بونوتشي، فقد حُكي عن خلاف نشب بين شوطي نهائي دوري الأبطال أمام ريال مدريد الإسباني بينه وبين زميله الأرجنتيني باولو ديبالا، بعد توبيخه له لحصوله على بطاقة صفراء مبكرة، حيث قام بدفعه، ما أغضب الأرجنتيني الآخر غونزالو هيغواين، والمدرب ماسيميليانو أليغري، الذي ذكرت تقارير أنه أرسل الفريق مبكراً إلى أرض الملعب لفضّ النزاع وتهدئة الأمور. لكن في حقيقة الأمر، إن الخلاف بين بونوتشي وأليغري مزمن، ويعود إلى قبل أربعة أشهر، إذ في المباراة أمام باليرمو في الدوري الإيطالي، استبدل المدرب ستيفانو ستورارو في الوقت الذي كان بونوتشي يطالب فيه بإخراج كلاوديو ماركيزيو المرهق، حسب رأيه، وهذا ما أغضبه، ليقوم أليغري بعد أيام بمعاقبته واستبعاده عن المباراة أمام بورتو البرتغالي في دوري أبطال أوروبا، وإجلاسه في المدرجات.

فرّط «اليوفي» بنجمين دفعة واحدة في مركز ثقله خط الدفاع


كذلك خرج ألفيش بدوره «على زعل»، حيث أكد البرازيلي بعد انتقاله إلى سان جيرمان في حديث لصحيفة «ليكيب» الفرنسية عن بعض الأمور الخلافية، أن «اليوفي» لم يفهمه داخل الملعب وخارجه، وأنه كان يمنع عنه سماع الموسيقى في غرف تبديل الملابس وإضفاء أجواء المرح التي يتّسم بها البرازيلي، فضلاً عمّا حُكي عن أن خلافاً وقع بعد دعوة ألفيش لديبالا إلى الانتقال من يوفنتوس.
على أي حال، أصبح بونوتشي وألفيش خارج مدينة تورينو الآن، وهذا لا شك خبر غير عابر وحدث كبير جداً في سوق الانتقالات الحالية. صحيح هنا أن «اليوفي» خسر في السنوات الأخيرة جهود نجوم كثر أمثال أندريا بيرلو والفرنسي بول بوغبا والتشيلياني أرتورو فيدال والإسباني ألفارو موراتا، واستطاع المضيّ قدماً وعدم التأثر برحيلهم، إلا أن الأمور تبدو مختلفة مع بونوتشي وألفيش، حيث يبدو صعباً تعويضهما، نظراً إلى تأثيرهما الكبير واعتبارهما الأفضل في العالم في مركزيهما، خصوصاً أن «البيانكونيري» خسر لاعبَين دفعة واحدة، لا لاعباً واحداً في خط الدفاع الذي يُعد مركز قوته الأساسي، وهذا من شأنه أن يشكل خللاً كبيراً وفجوة يصعب ترميمها بسهولة، في وقت تشهد فيه سوق الانتقالات فورة على صعيد تعزيز الفرق لخطوط دفاعها، وهذا ما حصل مع ميلان وسان جيرمان وبرشلونة الإسباني بضمه البرتغالي نيلسون سيميدو وريال مدريد مع الفرنسي ثيو هرنانديز ومانشستر سيتي الإنكليزي مع كايل ووكر وجاره يونايتد مع السويدي فيكتور لينديلوف وتشلسي مع الألماني أنطونيو روديغير وأرسنال مع البوسني سعيد كولاسيناتش وإنتر ميلانو الإيطالي مع السلوفاكي ميلان سكرينيار.

مكسب كبير لميلان

إذا كان ألفيش يُعَدّ إضافة نوعية لسان جيرمان، فإن بونوتشي بالتحديد يشكل مكسباً كبيراً لميلان لم يكن يحلم به (تماماً كما لن يستوعب جمهور يوفنتوس رحيله)، وسيكون لوجوده في تشكيلة «الروسونيري» تأثير كبير في الأداء وروحية الفريق من خلال شخصيته القيادية التي يحتاجها تماماً الفريق اللومبادري.
المكسب الآخر الذي حققه ميلان مادي، إذ إنه دفع فقط 42 مليون يورو لضم بونوتشي، وهذا مبلغ عادي مقارنة بما يُدفع في سوق الانتقالات والأسعار التي كانت معروضة لضم بونوتشي من أكثر من جهة والتي تفوق 50 مليون يورو، ورغم أن اللاعب يبلغ من العمر 30 عاماً، إلا أنه لا يزال قادراً على العطاء على أعلى مستوى لـ 4 سنوات على الأقل، علماً أن المدافعين الطليان «يُعَمَّرون» طويلاً، وخير مثال على ذلك باولو مالديني وفرانكو باريزي وماورو تاسوتي. وهنا تُطرح علامات الاستفهام والتعجّب حول التفريط السهل ليوفنتوس بأفضل مدافعي العالم لغريمه.
لكن الأهم أن انتقال بونوتشي يشكّل ضربة جديدة من ميلان ليوفنتوس، إذ إن هذا المدافع الفذ ليس أول لاعب ينتقل من «اليوفي» إلى «الروسونيري»، ويُغيظ جماهير الأول، حيث إن اللائحة تطول هنا وتشمل نجوماً كباراً أمثال فابيو كابيلو وباولو روسي وروبرتو باجيو وفيليبو إنزاغي.
خلاصة القول أن يوفنتوس سيخسر كثيراً برحيل نجمين بحجم بونوتشي وألفيش، بغضّ النظر عن مسببات انتقالهما، وإن كان اللاعبان قد بحثا عن مصلحتهما، أو أن «اليوفي» لم يحسن استيعابهما والاحتفاظ بهما. إنها خسارة أكيدة ليوفنتوس.