عام ٢٠٢٤، سيتمكن الذكاء الاصطناعي من ترجمة اللغات بشكل أفضل من الإنسان. عام ٢٠٢٦، سيقوم الذكاء الاصطناعي بكتابة مواضيع إنشاء للمستوى الثانوي، وفي عام ٢٠٢٧ سيقود الشاحنات.
تبقى هذه الأرقام توقعات، قد تحدث سريعاً أو تتاخر قليلاً ــ لكنها قادمة لا محال ــ، إلا أنها توقعات قدمها كبار الباحثين في العالم في مجال الذكاء الاصطناعي. فسؤال تفوق الذكاء الاصطناعي على الإنسان مطروح بشكل جدي اليوم، ويبرز كإشكالية كبرى: متى سيقوم الذكاء الاصطناعي بعملك أفضل منك؟ وبرغم التقدم والتطور العظيم الذي سيحققه هذا الأمر، فإنه يهدد ملايين العمال الذين سيستبدلون ببرامج وآلات قادرة على مزاولة عملهم بشكل أفضل وأرخص. كذلك يطرح تحديات جديدة حول الأمن السيبراني وكيفية حماية جميع الأجهزة التي باتت مرتبطة بشبكة الإنترنت من الهجمات الإلكترونية والاختراق، إضافة إلى إعادة بناء البنى التحتية لتتناسب مع حجم التطور الحاصل.
هذا السؤال طرحته الباحثة في معهد مستقبل البشرية في جامعة أوكسفورد كاتيا غريس ومجموعة من زملائها عام ٢٠١٦، لتخلص إلى دراسة عنوانها "متى سيتجاوز الذكاء الاصطناعي الأداء البشري؟ شهادات خبراء في الذكاء الاصطناعي"، تقدم فيها مهلاً تقديرية (من خلال احتساب المعدل الوسطي لإجابات الخبراء) جمعتها من ٣٥٢ خبيراً في هذا المجال، ولتكون النتيجة التي يتوقعها هؤلاء مثيرة: توجد فرصة بنسبة ٥٠٪ بأن يكون الذكاء الاصطناعي أفضل من الإنسان فى كل المجالات تقريباً في غضون 45 عاماً، في حين هناك فرصة ضئيلة، بنسبة ١٠٪، بأن يتفوق الذكاء الاصطناعي على الإنسان خلال ٩ سنوات!
إلا أن سرعة مسار تفوق الذكاء الاصطناعي على الإنسان لن تقابل بالسرعة نفسها لاستبدال الآلات محل العمال، فقد حددت الدراسة متوسط مهلة الأتمتة الكاملة للعمل بـ ١٢٢ سنة، مقابل وجود فرصة بنسبة ١٠٪ بأن يحدث هذا الأمر خلال ٢٠ سنة.
وفي التفاصيل، يتوقع الباحثون أن الذكاء الاصطناعي سيكون باستطاعته التغلب على الإنسان في مجالات كثيرة خلال السنوات القليلة المقبلة، بحيث سيتمكن في غضون ٨ سنوات من ترجمة نصوص ولغات بشكل مشابه للأشخاص الذين يعلمون عدداً من اللغات، إنما غير محترفين بالترجمة بما في ذلك اللغات المعروفة بأنها صعبة مثل التشيكية والصينية والعربية. كما سيتمكن خلال ما يقارب السبع سنوات من تصنيف الكتب والروايات في فئات مختلفة، وسيصبح بإمكانه في غضون ٨ سنوات أن يتلقى الاتصالات من زبائن المصارف لتوفير الخدمات المصرفية مثل المساعدة على طلب بطاقة مصرفية بديلة أو توضيح كيفية استخدام موقع البنك للزبائن. كذلك بإمكان الذكاء الاصطناعي خلال ٨ سنوات أن يكتب رموز بايثون (وهي لغة برمجة) موجزة وفعالة وقابلة للقراءة البشرية لتنفيذ خوارزميات بسيطة مثل خوارزمية الترتيب السريع. وهذا يعني أن النظام يجب أن يكتب التعليمات البرمجية التي تصنف القائمة، بدلاً من أن يكون قادراً فقط على فرز القوائم. وسيتمكن الذكاء الاصطناعي من إنتاج قوانين فيزيائية للعالم الافتراضي خلال ١٥ سنة.
في غضون 10 سنوات تقريباً، أي عام 2027، سيصبح بإمكان الذكاء الاصطناعي إنتاج أغنية لا يمكن تمييزها عن أغنية جديدة لفنان معين، وستتمكن خوارزميات الذكاء الاصطناعي، وفق ما يتوقع الخبراء في الدراسة، من تأليف أغنية جيدة بما فيه الكفاية للوصول إلى لائحة أفضل ٤٠ أغنية في الولايات المتحدة الأميركية.
إلا أن هذا لا يعني أن المجالات الأخرى بمأمن، إنما سيحتاج الذكاء الاصطناعي إلى وقت أطول ليتفوق فيها بحيث سيتمكن من كتابة رواية قصيرة جيدة بما فيه الكفاية لتصل إلى قائمة أفضل المبيعات في لائحة نيويورك تايمز خلال ٣٣ عاماً. أما عام ٢٠٥٣، فسيعمل الذكاء الاصطناعي كجراح، كما سيستطيع بشكل روتيني ومستقل إثبات نظريات رياضية يمكن نشرها في أهم المجلات العلمية وطرح نظريات رياضية تحتاج إلى إثبات في غضون ٤٣ عاماً.
الجدير بالذكر أن الدراسة لحظت فرقاً كبيراً بين توقعات خبراء أميركا الشمالية وتوقعات الخبراء الآسيويين الذين توقعوا تفوق الذكاء الاصطناعي على الإنسان في غضون ٣٠ عاماً، في حين أعطى خبراء أميركا الشمالية مهلة ٧٤ عاماً لحصول هذا الأمر.
للاطلاع على الدراسة: https://arxiv.org/pdf/1705.08807.pdf?