يوماً بعد آخر، يتلقى برشلونة الضربات من هنا وهناك. فالنادي الكاتالوني عاجز حتى الآن عن حسم أي صفقة كبيرة وحتى صغيرة. هذا في وقت يحتاج فيه «البلاوغرانا» إلى ورشةٍ حقيقية بعدما بدا جليّاً أن لديه مشاكل في مراكز كثيرة، ونقصاً في مراكز أخرى لا يوجد فيها البديل الذي يمكن أن يكون بمستوى الأساسي.
وإذا كانت هذه المرحلة متوقعاً الوصول إليها مع خروج نجوم الجيل الذهبي واحداً تلو الآخر من النادي، ما انعكس أخيراً على صورة الفريق الذي بدا لا يقهر لفترة طويلة، فإنّ إدارة «البرسا» تتحمل المسؤولية كاملة لتدهور الأوضاع تباعاً، وهو أمر استفاق عليه الجمهور أخيراً، ويمكن لمسه من خلال ردود الفعل على كل خبر يرد عبر صفحات مواقع التواصل الاجتماعي الخاصة ببطل كأس الملك، وكذلك من خلال وسائل الإعلام المقرّبة منه.
وبالتأكيد، لم يكن خبر عدم قدرة الرئيس جوسيب ماريا بارتوميو على حسم صفقة انتقال الهدف الأول لبرشلونة في سوق الانتقالات، أي الإيطالي ماركو فيراتي، السبب الأساس وراء الغضب الجماهيري الحاصل حالياً، بل إن ما بدا عليه من ضعف لبارتوميو وفريق عمله، الذي لم يستطع حتى إقناع لاعب شاب مثل داني سيبايوس للتحوّل من ريال بيتيس إليه ليحطّ الأخير لدى الغريم ريال مدريد ويعيد إلى الذاكرة خسارة «البرسا» السباق لضم لاعب واعد آخر هو ماركو اسينسيو الذي وقّع للملكي أيضاً.

شتّان ما بين أيام لابورتا والمرحلة التي يعيشها «البرسا» مع بارتوميو


إذاً، وكأنه لا يكفي جمهور «البرسا» رؤية الريال يحتفل بلقب «الليغا» ودوري الأبطال في موسمٍ عانى فيه فريقهم على مختلف الصعد، ليظهر أن إدارتهم غير قادرة حتى على حسم الصفقات البسيطة، ما فتح الباب على عودة المطالبات باستقالة بارتوميو والمدير الرياضي روبرت فرنانديز الذي كان قد وضع فيه الرئيس ثقته الكاملة لجلب فيراتي، قبل أن يخرج لتغطية فشله، متذرعاً بأنّ باريس سان جيرمان الفرنسي لا يردّ على عروض ناديه.
المهم أن استقالة بارتوميو وفريق عمله، التي حُكي عنها في الكواليس قبل أيام على نهاية الأسبوع الماضي، قد تكون حلّاً للجميع، إذ لا يعقل أن نادياً بحجم برشلونة يتغنى فقط بتمكنه من فعل شيء يعدّ أقل الإيمان إذا صح التعبير، وهو التعاقد مع المدرب إرنستو فالفيردي، واسترداد جيرارد ديلوفيو بحكم خيار إعادة الشراء الذي يملكه في عقد انتقاله.
من هنا، تذهب الأفكار إلى مقارنة بسيطة مع ما يعيشه «البرسا» في زمن بارتوميو، وما عاشه في زمن الرئيس السابق جوان لابورتا مثلاً، حيث كان هذا النادي مركزاً لاستقطاب أكبر نجوم العالم الذين لم يفضلوا أحداً عليه، فتقاطرت الأسماء البارزة للتوقيع معه، وما أكثرها! إذ يمكن ذكر البعض منها لمعرفة الفارق الكبير بين الحقبة الماضية والحالية. البرازيليان رونالدينيو وداني الفيش، الفرنسي تييري هنري، الكاميروني صامويل إيتو، البرتغالي ديكو، السويدي زلاتان إبراهيموفيتش، الفرنسي إيريك أبيدال، دافيد فيا وغيرهم الكثيرون...
كل هؤلاء جاء بهم لابورتا ليحصد الفريق المجد أينما حلّ، بينما يعجز بارتوميو حالياً عن ضم لاعب وسطٍ واحد يسد الثغرة التي خلّفها شافي هرنانديز منذ رحيله، فاللائحة التي وضعها حتى الآن لم يأتِ منها أحد، فكان البرازيلي كوتينيو أولى المحاولات الفاشلة، تلاه الدولي أندير هيريرا، ثم فيراتي، وحتى قبلهم العاجي جان ميشال سيري الذي يلعب لفريق صغير (نيس الفرنسي) مقارنة بالفرق الأخرى التي تلعب لها الأسماء السابقة الذكر.
فعلاً هو الفشل الذي يمكن لمسه عندما يضطر برشلونة إلى وضع البرازيلي باولينيو هدفاً له الآن، لا انتقاصاً من قيمة اللاعب، ولو أنه فشل أوروبياً مع توتنهام هوتسبر الإنكليزي، ولا لأنه يلعب حالياً في الصين، بل لأن فريق عمل بارتوميو لم يتمكن حتى الآن من إغلاق الصفقة المهددة فعلاً، لعدم قدرته على إقناع الصينيين بمنطق أو بمبلغ مقبول!
خوفٌ كبير يعيشه جمهور الفريق الكاتالوني، وهو من دون شك مبرر، إذ إن الأيام تمرّ من دون أن يسمعوا نبأً مفرحاً، بل باتوا على قناعة بأنهم سيصحون على صفقة عنوانها أسوأ مما عرفوه يوم قرأوا في الصحف خبر انتقال الفرنسي جيريمي ماتيو أو البرازيلي دوغلاس إلى فريقهم.