القاهرة | أنهى البرلمان المصري دور انعقاده الثاني من الفصل التشريعي الأول، الذي حفل بتمرير القوانين والقرارات الإشكالية، وفي مقدمتها اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر والسعودية، بالإضافة إلى إرجاء انتخابات المحليات وإعادة لقانون الطوارئ بموافقة الأغلبية.
بعد 227 ساعة و68 جلسة عامة، لم تشهد طلباً واحداً لسحب الثقة من رئيس الحكومة أو أي وزير فيها، لكن تخللها إسقاط عضوية نائب وحيد بتهمة تسريب موازنة البرلمان للإعلام وإرسال نسخ من قانون الجمعيات الأهلية للسفارات الأجنبية خلال مناقشته في البرلمان وقبل إقراره، وهو النائب محمد أنور السادات الذي واجه حملة إعلامية شرسة ضده قبل إسقاط عضويته.
ومرر البرلمان كمّاً من القوانين بعد ضغط السلطات من دون مناقشة، مثل فرض حالة الطوارئ وتمديدها لتصل إلى ستة أشهر، والتغاضي عن الحيل الدستورية باستمرار تمديد الطوارئ في سيناء من دون استفتاء شعبي كما ينص الدستور، والاكتفاء برفع حالة الطوارئ نظرياً لمدة يوم واحد قبل تمديدها مجدداً. إلا أن القرار الأهم الذي شهدته هذه الدورة يظلّ تمرير الاتفاقية التي نقلت بموجبها تبعية جزيرتي تيران وصنافير إلى السعودية.

لم يستجوب النواب الحكومة برغم رفع الأسعار أكثر من مرة


كذلك، مرر البرلمان قانوناً يعزز سلطة رئيس الجمهورية على الهيئات القضائية بحيث يجعل اختيار رؤساء الهيئات القضائية من بين ثلاثة ترشيحات مُلغياً مبدأ الأقدمية المطلقة في الاختيار بقانون رفضه القضاة ومرره البرلمان في أيام ومن دون مناقشات موسعة أو الالتفات إلى رأي مجلس الدولة الرافض للقانون.
وأخل البرلمان بمنظومة العدالة الجديدة في تعديلات قوانين الإجراءات الجنائية وإجراءات الطعن أمام محاكم النقض، مختصراً درجة من درجات التقاضي. في هذا الوقت، عدل المواد غير الدستورية بقانون الطوارئ، مكتفياً بتعديلات لفظية من دون أن يكون لها أثر ملموس على أرض الواقع، وهي الزيارات التي وصلت إلى 40 زيارة للجان النوعية وحدها.
لم يختلف البرلمان المصري في تشكيله الحالي عن البرلمانات السابقة في عدد الصامتين، فهناك نحو 119 نائباً لم يتحدثوا في أي من الجلسات، غالبيتهم من المعينين، بينما قامت اللجان النوعية بزيارات غالبياتها ترفيهية من دون أن تنجز أي عمل على أرض الواقع. وبلغت تقارير اللجان نحو 1300 تقرير منها نحو 400 لم تُناقَش، بينما عقدت هذه اللجان نحو 1700 اجتماع.
وأقر البرلمان 61 اتفاقية دولية من دون مناقشة أو اعتراض على بند فيها، ومرر زيادات استثنائية في معاشات العسكريين بنسب كبيرة، فيما لم يبدِ اعتراضاً على أيٍّ من قرارات الرئيس المفاجئة. ولم يتوقف كثيراً عند توبيخ الرئيس لأحد ممثليه على الهواء بعدما طالبه بإرجاء قرارات رفع الدعم جزئياً، بسبب المشاكل الاقتصادية التي يمر بها المواطنون.
وأجّل النواب مناقشة قوانين مهمة أبرزها المحليات، وتنظيم الصحافة والإعلام بالإضافة إلى قانوني العمل، والتنظيمات النقابية الذي يهدد بوضع مصر في القائمة السوداء لسوق العمل في منظمة العمل الدولية.
البرلمان الذي تجاوزت ميزانيته مليار جنيه، لم يقم نوابه باستجواب واحد للحكومة برغم تحريكها أسعار الوقود مرتين، ورفع أسعار السلع أكثر من مرة، ونقص اللحوم والدواجن وتحريك أسعار المترو من دون الرجوع إلى النواب، وتمرير اتفاقية قرض صندوق النقد الدولي من دون مناقشات موسعة، وحصول مصر على الدفعة الأولى من القرض من دون موافقة البرلمان.
لم يعترض البرلمان على تحرير سعر الصرف وانخفاض قيمة العملة بأكثر من 100% من قيمتها في غضون أسابيع قليلة، ولم يناقش محافظ البنك المركزي بتحريك أسعار الفائدة بنحو 7% في سبعة أشهر فقط، فيما تلقت أمانته العامة 1024 سؤالاً و464 بياناً عاجلاً و855 طلب إحاطة.
إلى ذلك، غيّر النواب من مواقفهم بين ليلة وضحاها في قانوني الاستثمار والعلاوة الاجتماعية، وهي القوانين التي رفضتها الأغلبية ثم قبلتها في اليوم التالي بضغوط من «جهات سيادية».