الحديث الاسرائيلي عن «مصانع الأسلحة»، خصوصاً «مصانع الأسلحة الدقيقة» على الأراضي اللبنانية، ليس جديداً. فقد ورد، في الأشهر الأخيرة، في تقارير نشرها مراسلون عسكريون إسرائيليون وأخرى وردت في الإعلام العربي «المعتدل». لكن الجديد، هو إعادة تحريك «المصانع» والتحريض في أعقابها على حزب الله، من قبل المسؤولين الإسرائيليين، ومن بينهم رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية هرتسي هليفي، وقائد سلاح الجو أمير ايشل.
هليفي تبنى التقارير المنشورة سابقاً، وقال إن المصانع أنشئت في لبنان، وتنتج سلاحاً لحزب الله، فيما قال ايشل إن إيران عملت في العام الأخير على إقامة بنية تحتية لإنتاجٍ مستقل لأسلحة دقيقة في لبنان واليمن على حدّ سواء. وأضاف: «لا يمكننا البقاء لامبالين تجاه هذه الخطوة التي تعدها إسرائيل غير قابلة للتعايش معها».
كلام الضابطين الإسرائيليين ورد في مؤتمر هرتسيليا السنوي الذي قال فيه هليفي أيضاً: «نرى حزب الله يجهز بنية تحتية عسكرية، تقوم على التكنولوجيا الإيرانية، ويصنع الأسلحة وينقلها إلى جنوب لبنان لينشرها على مرمى حجر من الحدود، تحت غطاء جمعية بيئية خضراء»، في إشارة إلى جمعية «أخضر بلا حدود» التي كانت موضوع شكوى إسرائيلية لدى الأمم المتحدة، بزعم أنها غطاء لجهود استخبارية لحزب الله، الأمر الذي رفضته الأمم المتحدة.

هليفي: حزب الله يصنّع الأسلحة
(في لبنان) وينقلها إلى الجنوب لينشرها على مرمى حجر
من الحدود
وتجدر الإشارة إلى أن الجمعية تهتم بتشجير منطقة الجنوب اللبناني.
موضوع «صنع السلاح» في لبنان والتحريض المبني عليه، كان أيضاً مدار مباحثات وزير الأمن الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان، ووزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس في ألمانيا. وبحسب وسائل الإعلام العبرية (موقع «واللا» الإخباري)، يأتي اللقاء على خلفية التوتر على الحدود مع سوريا، وأيضاً في ظل «الخشية الإسرائيلية المتزايدة من التعاظم الإيراني في سوريا ولبنان، ومن إنشاء مصانع أسلحة إيرانية لحزب الله في الأراضي اللبنانية».
صحيفة «هآرتس» أشارت إلى أن إسرائيل تقوم خلال الأسابيع الأخيرة بتحويل رسائل إلى إيران، بواسطة عدة دول أوروبية تقيم علاقات دبلوماسية مع النظام الإيراني. ووفقاً لهذه التحذيرات فإن إسرائيل تنظر بعين الخطورة إلى إقامة مصانع لإنتاج الأسلحة لمصلحة حزب الله على الأراضي اللبنانية. وقال دبلوماسيون أوروبيون إن إسرائيل أوضحت أنها لن تتحمل ذلك.
وأكد مصدر إسرائيلي رسمي لـ «هآرتس» موضوع إرسال التحذيرات إلى إيران. وقال إن إسرائيل أوضحت لدول غربية عديدة أن دعم نظام طهران لحزب الله هو المسألة المركزية التي يجب أن يتعامل معها المجتمع الدولي في الشأن الإيراني. وأضاف أن إسرائيل تعتقد أن إقامة مصانع أسلحة إيرانية في لبنان يمكن أن تقوّض الاستقرار بنحو خطير، مشيراً إلى أن «الحكومة اللبنانية لا تستطيع التأثير في هذا الموضوع، ولذلك فإن عنوان المعالجة موجود لدى جهات أخرى مؤثرة فيه».
«دفعة التحريض» الإسرائيلية، التي تواصلت في الأيام الأخيرة، والتي تخللتها الشكوى إلى الأمم المتحدة ضد جمعية «أخضر بلا حدود»، ومن ثم الحديث عن «مصانع الأسلحة»، أضيف إليها تحريض من نوع جديد، عبارة عن خشية من «أفعال عدائية»، قد يقدم عليها حزب الله، لعرقلة إقامة سياج جديد على طول الحدود مع فلسطين المحتلة، ومن بينها مقاطع إسمنتية بارتفاع سبعة أمتار، للحؤول دون إمكانية تسلل حزب الله إلى المستوطنات، ضمن السيناريوهات المفترضة للحرب المقبلة.
القناة الثانية العبرية أشارت في تقرير لها إلى أن أعمال بناء السياج الجديد، التي سمّته «السور والعائق الكبير»، ستبدأ الشهر المقبل، و«التقدير في إسرائيل يفيد بأن حزب الله حتى وإن كان غير معني بالمواجهة، سيرد بإطلاق النار أو بنيران القناصة، لعرقلة الأعمال». ولفتت إلى أن هذا السور يأتي على خلفية التقدير بأن حزب الله سينفذ خطوات هجومية داخل إسرائيل، بعد الثقة الكبيرة والإيمان الذاتي بالقدرات، نتيجة الخبرة القتالية العالية التي اكتسبها في سوريا، بل «أسّس وحدات خاصة للخطوة الهجومية، تهدف إلى التغلغل داخل إسرائيل والسيطرة على مستوطنات».
وأشار التقرير إلى أن المؤسسة الأمنية الإسرائيلية تدرك أن سوراً كهذا، الذي تتخلله في مقطعين اثنين عوائق إسمنتية، لن يمنع عمليات هجومية برية يشنها حزب الله، لكنه يعرقلها ويؤدي إلى التشويش عليها.
القناة العاشرة أشارت بدورها إلى أن السور الجديد يأتي لحماية 22 مستوطنة قريبة من الحدود يريد حزب الله احتلالها في الحرب، مضيفة أن المرحلة الأولى من السور ستنجز أعمال حماية خاصة في أماكن حساسة في منطقة رأس الناقورة وأخرى في منطقة كريات شمونة، بطول 11 كيلومتراً وارتفاع 7 أمتار.