يعرف الجميع الثلاثي المصري الكوميدي شيكو، هشام ماجد وأحمد فهمي. أتى ظهورهم الأوّل في فيلم «ورقة شفرة» (2008) إيذاناً بأن الشبان الثلاثة يعرفون من أين تؤكل الكتف. الأمر نفسه ينسحب على الممثل ومغني الراب المصري أحمد مكي من خلال أفلامه ومسلسله الرمضاني المعروف «الكبير أوي» (بأجزائه الكثيرة).
الثلاثي ماجد، فهمي وشيكو، سرعان ما دبّ الخلاف بينهم، مما أدى إلى انفصال المجموعة إلى قسمين: الأوّل هو هشام ماجد وشيكو، فيما قرر فهمي السباحة وحيداً، فقدّم الثنائي فيلم «حملة فريزر» العام الفائت، فيما قدّم فهمي وحده «كلب بلدي». ولا يبدو أن النجاح كان حليف الثلاثة في أعمالهم المنفردة. لذلك، كانت الخطّة هذا العام اختيار حلفاءٍ أفضل. من جهته، واجه مكي مشاكل صحّية خلال الفترة الماضية على حد تعبيره، وبدا مبتعداً عن الوسط الفني ومقلاً في إطلالاته الإعلامية. لذلك كان عليه محاولة العودة بقوّة، خصوصاً في شهر رمضان الذي أثبت فيه حضوره لمواسم طوال عبر «الكبير أوي».
اختار هشام ماجد وشيكو أحمد مكي شريكاً لهما في مسلسل «خلصانة بشياكة»، فيما اختار فهمي الإعلامي والناقد السياسي أكرم حسني (عرفه الجمهور من خلال شخصيته الناقدة «سيد أبو حفيظة» ضمن برنامجه «أسعد الله مسائكم»)، ونجمة رمضان العام الفائت مي عمر. كان الطرفان يحاولان النجاح بكل الوسائل، فأحضر الطرف الأوّل كتّاباً اعتمد عليهم في السابق أمثال فاروق هاشم، ومحمد محمدي وإخراجياً هشام فتحي، فيما اعتمد الطرف الثاني على تامر إبراهيم وولاء الشريف وأخرج العمل كريم العدل. على عادة أعمال مكّي، يحكي مسلسل «خلصانة بشياكة» قصةً خارجةً عن المألوف، فيها نوعٌ من الفانتازيا الدرامية الجميلة. إنها نهاية العالم والصراع محتدمٌ بين الرجال والنساء. الرجال يقودهم سلطان وشقيقه نوح (مكي وهشام ماجد) فيما النساء تقودهن كارما (دينا الشربيني) والمحبوب شكير (شيكو) الذي تربى وسط الفتيات.

يمكن اعتبار «التهريج» داء الكوميديا المصرية خلال
العقود الأخيرة

تحاكي القصّة بطريقةٍ كوميدية فكرة فناء العالم وطريقة التعامل مع هذه النهاية بطريقةٍ كوميدية. لكن يعاب عليه البطء في الإضحاك، فضلاً عن غياب عناصر الإثارة التي كانت موجودة بقوّة في «الكبير أوي»، أو حتى في «الرجال العنّاب» (كتبه وقدّمه الثلاثي شيكو ماجد وفهمي سابقاً). مثلاً، اختفت شخصية الطبيب الذي يكره نفسه وهي الشخصية التي قدّمها المميز بيومي فؤاد وقدمته إلى الجمهور المصري والعربي، حتى وصل إلى ما هو عليه اليوم. مع العلم أنّ فؤاد موجود في المسلسل بشخصية «الحج»، لكنها شخصية غير ناضجة حتى اللحظة حتى تستطيع تقديم ما هو منتظر منها. على صعيدٍ آخر، يخرج المسلسل ـ ضمن حبكته - من إطار القصة الأصلية ليحكي قصصاً مختلفةً من أزمانٍ مختلفة عبر تذكّر أو رواية الأبطال لهذه القصص؛ وفي هذا نوعٌ من اللعبة الدرامية التي قد تصيب وقد تخيب.
بدوره، يقدّم أحمد فهمي في «ريّح المدام»، حكاية مسلسلٍ مستهلكةٍ. قصة مأخوذة من فيلم fifty first dates لآدم ساندلر ودرو باريمور. حكاية الزوجة (مي عمر) التي تفقد الذاكرة بشكل يومي، وعلى زوجها (فهمي) أن يقنعها بحبّه كل يوم؛ مع إضافة توابل وبهارات محلية للتعديل على القصة. لا يختلف اثنان على أنَّ فهمي يمتلك مقدراتٍ كبيرة ككوميديان، فضلاً عن قدرته الكبيرة على جذب الجمهور (أمر يشترك فيه تقريباً مكي، فهمي، شيكو، وماجد). أضف إلى ذلك أنّ مشاركة أكرم حسني في دور الطبيب النفسي بهجت أضاف الكثير إلى المسلسل. فبهجت يخفف على طريقته من القصة التي تفلت من عقالها في كثيرٍ من الأحيان لناحية «التهريج». مشكلة يمكن اعتبارها داء الكوميديا المصرية خلال العقود الأخيرة. إذ كان التهريج الزائد مثلاً نهاية محمد سعد، ومحمد هنيدي، وهاني رمزي وسواهم. يحاول «ريّح المدام» تقديم وجبةٍ كوميدية رمضانية خفيفة، لكنه لا ينجح في تقديمها بالطريقة التي يريدها فهمي. القصة كما أشرنا مستهلكة، والنص ليس قوياً كما ينبغي. أضف إلى ذلك أنَّ نجومية فهمي أكبر من المقابلين له، فأكرم حسني يبدو كأنه «مستنسخ» عن شيكو. ورغم قدرات مي عمر الجيدة، إلا أنّها ليست مجهّزة لهذا النوع من الأدوار المتعددة (تؤدي في كل حلقة شخصية مختلفة بدءاً من الراقصة الشعبية، إلى مقاتلة UFC، مروراً بالعديد من التحولات).
حتى اللحظة، لم يستطع المسلسلان جذب الجمهور بالطريقة التي يريدانها. في الختام، لا بد من الحديث عن إعادة الأمور إلى نصابها بين الأطراف المختلفة، ويجب استئناف التعاون بين ماجد وشيكو وفهمي، لأن أعمالهم معاً كانت أكثر نجاحاً مما هي عليه بعد انفصالهم.

«خلصانة بشياكة»: 20:00 على dmc و20:30 على قناة «اليوم»

«ريح المدام»: 17:00 على «إيه. آر. تي. حكايات»