حلقة الأمس من «لآخر نفس» (سيناريو وحوار: كارين رزق الله - إخراج أسد فولادكار)، على mtv وتحديداً مشهد زيارة غدي (الشاب الفلسطيني)، الى منزل السيدة بريجيت (رندا كعدي)، للتعرف الى عائلة ماريا (كارمن بصيبص)،تمهيداً لطلب يدها، بدا سريالياً، في الخطاب الذي تلاه غدي على والدة ماريا، بعدما «اكتشفت» وصدمت بأنه فلسطيني، وهي التي كان لها صلة مريرة بالحرب الأهلية بهذه الجنسية، عندما خطف أخوها في تلك الفترة على يد مقاتلين فلسطينيين.
مع أن المشهد كان يستلزم ضبطاً أكبر في التقديم والسياق، وتحوّل الى كوميدي، عندما هرعت الأخوات الثلاث هزار وماريا وجوليا الى والدتهن لتهدئتها وتحضير العقاقير المهدئة مسبقاً لها تفادياً لأي عارض صحي قد تتعرض له لحظة إعلان الشاب عن جنسيته. وبغض النظر عن الحلقات السابقة (غير الموفقة) التي مهدّت لكشف «مشكلة» هذا الشاب بكونه فلسطينياً، ولا يستطيع مزاولة مهنة الطب، ولا يملك حق التملّك مع غيره من الفلسطينيين، فإن مضمون ما قاله غدي أمس، على شاشة «المرّ»، يعدّ خطوة متقدمة بل فريدة لشاشة لطالما حملت عقلية الحرب ومناهضة «الغرباء»، من السوريين والفلسطينيين، والجنسيات المتواجدة على الأراضي اللبنانية. سمعنا غدي وهو في صدد تقديم نفسه للأم، يحكي عن مختلف التهم الجاهزة عن هذا الشعب، الذي «هرب من الموت»، كما قال، ووجد نفسه «لا يملك شيئاً: لا عمل ولا أرض ولا بلد»، وحكم عليه «بالعيش في المخيمات على أرض غريبة عنه»، وفي ظروف غير إنسانية، لم تعهده هذه الشاشة من قبل.
لأول مرة ربما في الدراما اللبنانية، تطرق الكاتبة باب القضية الفلسطينية حتى لو لم تذكر «إسرائيل» كمحتل ومسؤول عن تشريد وذبح هذا الشعب. تفتح هذه القضية، والى جانبها رواسب الحرب الأهلية، وأيضاً الظروف غير الإنسانية التي يعيش فيها هؤلاء في مخيمات لبنان. يحسب لكارين رزق الله، التي انتقلت هذا العام، الى شاشة «المرّ»، بأنها تطرقت الى هذه القضية وحاولت إسقاط الأحكام المسبقة على هذا الشعب في لبنان. ليس هيناً، ترداد كل هذه المشهدية على شاشة لم تعر يوماً أهمية أو أولوية لهذه القضية الأساس في عالمنا العربي، لا بل في بعض الأحيان سجلت سقطات مدّوية لصالح الإحتلال. وما حصل أمس، كان خطوة متقدمة. خطاب يتوجه الى جمهور مختلف، جمهور ربما، ما زال يعيش رواسب الحرب الأهلية، أو لم يهتم بما يحدث في الجوار.