كيف ستستقبل لغة شكسبير منامات الفلسطينيين في كتاب؟ الفكرة اقترحها قسم النشر في الجامعة الأميركية في القاهرة على المخرج محمد ملص (الصورة)، بترجمة كتابه «المنام» (دار الآداب/ 1990) إلى الإنكليزية، وها هي النسخة الجديدة ترى النور أخيراً بتوقيع المترجمة سميرة القاسم. كان صاحب «الليل» منهمكاً في تصوير منامات الفلسطينيين في مخيمات اللجوء اللبنانية، قبل الاجتياح الإسرائيلي للبنان (1982) بقليل، ما اضطره إلى إيقاف التصوير مؤقتاً، إلى أن استكمله بعد 5 سنوات.
سجّل ملص نحو 400 منام، اختار منها 23 مناماً لشريطه، فيما أودع منامات أخرى في كتاب مستقل. منامات الفلسطيني هنا تتجوّل في قرى دمّرها الاحتلال الإسرائيلي، وبيوت لم تعد موجودة، لكنها لم تغادر ذاكرة أصحابها لحظةً واحدة. لعل الأحلام هي الخزّان الاحتياطي لمخيلة هذا المخرج الاستثنائي، أو المادة الخام التي ينهل منها تذكاراته ومشاهده وسرده المحتدم، في إعادة بناء مدنه المفقودة. كتاب «المنام»، وفقاً لمقدمة المترجمة «مفكرة فيلم يسجل يوميات محمد ملص وانغماسه في حياة المخيمات الفلسطينية (شاتيلا، وبرج البراجنة، ونهر البارد، وعين الحلوة)، بتفاصيل شاعرية وحيّة. كما يقدّم مقطعاً من أحلام اللاجئين الفلسطينيين في ظل الكوارث المتلاحقة والمخاوف التي تطارد هؤلاء البشر المخذولين، بحساسية حادة، كاشفاً عن هذا الجرح المفتوح، أمس واليوم. من جهةٍ أخرى انتهى محمد ملص من كتابة سيرة سينمائية عن المخرج قيس الزبيدي وخصوصية عمله السينمائي كمونتير ومخرج، بالإضافة إلى ذكرياتهما المشتركة ما بين دمشق وبرلين. أما مشاريعه السينمائية فهي مؤجلة قسراً، نظراً للصعوبات الإنتاجية التي تواجهها السينما المستقلة في سوريا، والفيتو الرسمي على اسم هذا المخرج المتفرّد كنوع من العقاب الغامض!