فعلياً، لم يدخل علم «الروبوت» إلى التعليم في لبنان بعد. هذه التكنولوجيا التي راجت كثيراً في السنوات الأخيرة، لا سيما في بعض المدارس الخاصة، لا تحظى حتى الآن برعاية وزارة التربية لجهة تبنيها في المناهج الدراسية وتخصيص حصص دراسية لها. حتى الآن لا يعدو دور الدولة المتابعة المعنوية ورعاية مباريات وطنية تنظم للتنافس بين المدارس. وهنا لا يتجاوز الأمر اشراك «فئة محظوظة» من الطلاب قررت الانتساب إلى نادي «الروبوت» اللاصفي بهدف الاشتراك في المباراة فحسب ونيل جوائز وألقاب تستثمر في ما بعد في الإعلان الترويجي للمدرسة.
لماذا الروبوت في التعليم؟

الروبوت هو أداة ميكانيكية قادرة على القيام بمهام مبرمجة سلفاً، إما بإيعاز وسيطرة مباشرة من الإنسان أو بإيعاز من برامج حاسوبية. والروبوت التعليمي علم يركز على التطبيق المباشر، إذ يعتمد الطلاب على ما يمتلكونه من معلومات ومعرفة سابقة من خلال المواد والمناهج الدراسية (العلوم، الرياضيات، الهندسة والتكنولوجيا) لاستخدام الأدوات والقطع وتصميم جسم الروبوت. وهذا يزيد المعرفة لديهم، إضافة إلى تعلّمهم كيفية عمل الآلات الميكانيكية والالكترونية من خلال ممارستهم الفعلية لتركيب الآلات المختلفة.
وبحسب اسماعيل ياسين، مدير المركز الوطني للروبوت في الاردن وعضو المنظمة العربية للروبوت، الروبوت هو مثال عملي لمفهوم التكامل بين العلوم، يربط التعلم بالحياة العملية، إذ أنّ أغلب المشاريع والتطبيقات المطروحة هي أمثلة حقيقية يعيشها الطالب في حياته اليومية (مشروع السيارة، مشروع الذراع الآلية، مشاريع الألعاب الرياضية). كذلك يحقق الروبوت الخروج عن النمط الجاف والممل للحصة العلمية النظرية ويشجع الطلاب على التعلم وحب العلوم، وخصوصاً أن نسبة كبيرة من هؤلاء لا تجد متعة حقيقية في تعلم العلوم والرياضيات. ويشير ياسين إلى أن الروبوت يشجع أيضا التعليم التعاوني، اذ أنّ متطلبات المشروع تحتاج إلى فريق عمل للقيام بتنفيذه، ما يشجع وينمي العلاقات الاجتماعية بين الطلاب ويشعرهم بالمسؤولية.

تدفع كل مدرسة 500 دولار مقابل اشتراكها في مباراة الروبوت



الروبوت في المدارس اللبنانية

هذه التكنولوجيا دخلت حديثاً إلى لبنان وتحديداً في العام 2010 بمبادرة فردية من مدير ثانوية الأرز الثقافية غازي مطاوع الذي نقل التجربة إلى المدارس اللبنانية بعد مشاركة مدرسته في مباريات عالمية بين عامي 2006 و2009، وكان ذلك بتسلمه تنظيم مباراة على المستوى الوطني لسنتين متتاليتين، ثم عهد إلى مركز التعليم والتكنولوجيا تنظيم هذه البطولة التي جذبت في موسمها الأخير 111 فريقاً من 65 مدرسة رسمية وخاصة، في حين أن المباراة بدأت بـ15 فريقاً في عامها الأول.
ويشرح مطاوع لـ»الأخبار» أن الفرق المتبارية في بطولات الروبوت تعمل على تصميم وبرمجة الروبوت لأداء مهمات محددة خلال وقت محدد، وموضوع المسابقة تحدده لجنة دولية، وهو عبارة عن مشكلة دولية معاصرة يقترح الطلاب حلولاً عملية لها. ومن شروط المباراة استعمال قطع «الليغو» في كل أجزاء الروبوت باستثناء المحركات والبطارية وهي موصولة على جهاز الكومبيوتر.
كيف يستخدم الروبوت في التعليم هنا؟ يقول إن «بعض المدارس ومنها ثانوية الأرز بدأت بتعليم الروبوت والذكاء الاصطناعي ضمن الصفوف من الأول وحتى الحادي عشر (حصة واحدة أسبوعياً)، فيما فتح القسم الأكبر من المدارس التي تعتمد الروبوت أندية لاصفية». ما حصل أنّ هذه المدارس وفرت مختبرات للروبوت التعليمي بشراء الحقائب من شركات عالمية، بحيث يتمكن الطلاب من المرور بالمراحل التعليمية المختلفة لانتاج روبوتات قادرة على أداء مهام معينة ومن ثم محاولة برمجتها. لكن ذلك لم يسمح بتعميم التعليم على أكبر عدد ممكن من الطلاب. وكانت مجموعة شركات عالمية استطاعت تصميم حقائب KITS وبرامج كمبيوتر مخصصة لانتاج روبوتات من صنع الطلاب بحيث يستطيع الطالب تنفيذ مجموعة كبيرة من المشاريع الخاصة به، وتصميم وبرمجة روبوتات متنوعة قادرة على أداء مهام معينة.
أسعار الحقائب في لبنان كانت لفترة قريبة تزيد عن 450 دولاراً، وهذا كان يشكل عائقاً أمام انتشار الروبوت، ولكن اليوم وفرت بعض الشركات حقائب جديدة تبدأ بـ 50 دولاراً فقط، ما سمح للطلاب بالمشاركة في بعض البطولات التي لا تشترط حصرية قطع شركة «ليغو».
المدرّب على الروبوت التعليمي موسى سويدان يشير إلى أن أهمية الروبوت تكمن في استهدافه لكل الطلاب من كل المستويات من دون تمييز، مشيراً إلى أننا «طورنا المسابقة من تركيب القطع إلى توجيه الطلاب للعمل على الشق الالكتروني والتقني، أي بكل تفاصيل المشروع وليس فقط التصميم الهندسي».

تجارة الروبوت

بعض المدارس تشكو من اضطرارها لشراء الحقائب كل سنة لكون الماكيت التي سينفذ الطلاب عليها المباراة تتغير، في حين أن أي عطل يطرأ على أي قطعة قد يكلف 50 دولاراً.
إلى ذلك، تدفع المدارس حاليا رسم اشتراك في المباراة، يصل إلى 500 دولار أميركي. نسأل غازي مطاوع عن هذا الرسم فيقول إن سعر الماكيت وحده هو 200 دولار، يضاف إليه تكاليف تدريب فريق الطلاب ومتابعته ومصاريف يوم البطولة. لكن يشير إلى أننا «تمكنا من دعم 10 مدارس رسمية بحقائب من شركة ليغو ونؤمن اشتراك المدارس الرسمية مجاناً في المباراة».
مباراة الروبوت التعليمي هي مسألة تطبيقية وليست اختراعاً، لكنها تحتاج، بحسب المشتغلين في هذا القطاع، إلى خطة تربوية مدروسة تسمح بتأمين حاجات الطلاب التربوية والتقنية من قطع التركيب إلى المحركات الالكترونية والبرمجة، إضافة إلى سفرهم ومشاركتهم في المباريات الدولية.

* للمشاركة في صفحة «تعليم» التواصل عبر البريد الإلكتروني: [email protected]