بينما يجري الحديث في لبنان عن شطب محور «القضيّة الفلسطينيّة» من المناهج التربويّة، ينطلق في باريس هذا المساء مهرجان «سينما فلسطين» للعام الثالث على التوالي. يقدّم المهرجان هذا العام 22 فيلماً فلسطينياً فيما يتركّز على موضوعين أساسيّين هما: ذكرى نكسة الـ 1967 وتكريم لأعمال السينمائي الفلسطيني محمّد بكري (1953).
يسعى المهرجان هذا العام الى إثبات برنامجه كمحطّة سنويّة مهمّة في الأجندة الثقافيّة الباريسيّة، كما يهدف الى إيصال ديناميّة وإبداع وتنوّع الإنتاج السينمائيّ الفلسطينيّ الى الجمهور الفرنسي. يقدّم البرنامج 22 عملاً من الأفلام الروائيّة الطويلة والقصيرة والوثائقيّة. كما يحتوي البرنامج على حفلة موسيقيّة لفرقة «السبعة وأربعين» (47 Soul) ومسابقة أفلامٍ قصيرة للمرّة الأولى في هذا المهرجان الذّي أسّسته مجموعة من هواة السينما وناشطون من دولٍ عربيّة وأوروبيّة داعمين للقضيّة الفلسطينيّة و«حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات ضد «اسرائيل» (BDS) من «جامعة باريس الثامنة» الواقعة في سان- دونيه، في الضاحية الشماليّة للعاصمة. وكما في العام الماضي، تتوزّع عروض المهرجان على صالات عدة داخل العاصمة وفي ضواحيها القريبة.
أبرز محطات المهرجان هذا العام المحوران الأساسيان اللذان اختارهما المنظّمون. من ناحية، تصادف هذه السنة الذكرى الخمسين للنكسة حين شنّ الاحتلال حرب الستة أيام للتوسّع وقضم المزيد من الأراضي الفلسطينيّة واللبنانيّة والسوريّة، مع ما رافقها من مجازر وتشريدٍ واعتداءاتٍ. يقدّم المهرجان ما يسمّيه «وجهات نظر حول 1967» من خلال عروض أفلام غير مُشاهدة بشكلٍ واسعٍ تطرح معايشة أهل المنطقة لتلك الحرب، وما يشعرون به إزاءها، وما يروون عنها. ومن العروض المبرمجة في هذه الفئة فيلم «العصفور» ليوسف شاهين، وفيلم «الليل» لمحمّد ملص. وبعدما كرّم المهرجان في نسخته الثانية السينمائي الفلسطينيّ ميشال خليفي، يخصص هذه الدورة لتكريم السينمائي الفلسطينيّ محمّد بكري من خلال عرض فيلمه الوثائقيّ «جنين جنين» وإتاحة صفٍّ للمختصين حول سينماه وأعماله، بحضوره وبإدارة الصحافيّة هدى ابراهيم.
كيف نرى من بيروت هذا المهرجان؟ قد نراه بعين الامتنان لوجود مساحةٍ في أوروبا (التي تشهد موجات عنصريّة وصعود لليمين المتطرّف) تقدّم فلسطيننا وإنتاجها ومنتجيها في السينما. وقد نراه بعين الغيرة لعدم استطاعتنا في لبنان مشاهدة هذه الأفلام بسهولةٍ. وقد نراه بعين الخيبة لعدم وجود مهرجانٍ لسينما فلسطين في لبنان حيث سبقتنا باريس كما سبقت الكثير من المدن والدول في تأسيس مهرجاناتٍ مشابهة.
وقد لا يكون لنا عينٌ تراه، فالنقاش الدائر اليوم في لبنان يلعب بعيداً عن تلك العيون كلّها. يراوح النقاش بين محاولة إلغاء ما يتعلّق بالقضيّة الفلسطينيّة من المناهج التربويّة وبين امتعاض بعضهم من طلب حملة المقاطعة في لبنان بعدم عرض فيلمٍ هوليووديّ بطلته غال غادوت، الممثّلة الإسرائيليّة التي خدمت في جيش الاحتلال ولها مواقف داعمة لاعتداءات «اسرائيل» وحروبها علينا. فما بالك بالحديث عن حملةٍ شبابيّة لإدخال مادّة «تاريخ فلسطين» في مناهج مدارس المخيّمات الفلسطينيّة؟

«مهرجان سينما فلسطين 3» في باريس: بدءاً من اليوم حتى 11 حزيران ـــ www.festivalpalestine.paris

برنامج مهرجان "سينما فلسطين": http://www.festivalpalestine.paris/fr/programme2017

شريط دعائي: https://www.youtube.com/watch?v=OwQGw0hT_PM