لا شك في أن البرمجة الثقافية العامة التي وصلت إليها «دار النمر» اليوم تبلوَرت شيئاً فشيئاً لتبلغ شكلاً شاملاً ومضموناً راقياً وحتى فريداً أحياناً. «النمر» التي تطرح نموذجاً من المقاومة الثقافية والحضارية، تفرد مساحةً للفنّ التشكيلي والخط العربي والمحاضرات الهادفة وورش العمل، وكذلك للموسيقى نقاشاً وسمعاً ودعوات إلى توقيع إصدارات جديدة وغيرها من الأنشطة المنتقاة بعناية.
من جهة ثانية، تُقسم مواعيد هذا الفضاء البيروتي بين ما هو مُتاحٌ مجاناً للعموم وما هو شبه مجانيّ، مثل الأمسية الطربية التي ينظمّها للمغنية اللبنانية دالين جبّور وفرقتها، إذ يمكن حضورها بخمسة آلاف ليرة لبنانية فقط! هذا البدل الرمزي ذو أهمية ثلاثية الأبعاد، إذ يقطع الطريق على الازدراء اللاشعوري للحدث (لو كان الدخول مجانياً) ويبعد شعور الحسرة عن محبّي الموسيقى من ذوي الدخل المحدود أو حتى المعدومين (لو كان سعر البطاقة كذا وما فوق)، وأخيراً، يخلق جواً من الجدّية لدى الأطراف المعنيّة الثلاثة: المنظمون، الفنانون والجمهور.
إذاً، بعد دراسة الغناء العربي المشرقي في المعهد العالي للموسيقى التابع لـ «الجامعة الأنطونية»، عملت دالين جبّور مع عدة فرق محلية مختصّة في الموسيقى الشرقية التقليدية والطرب الأصيل، ثم سلكت اتجاهاً أكثر استقلالية، وها هي تطلّ برفقة «تختها» الخاص (فرقتها الشرقية) الذي يضمّ: تمّام سعيد (عود)، نعيم شنور (قانون) وقمر عمري (رقّ). على برنامج الأمسية المرتقبة في 8 حزيران (يونيو) المقبل، تستعيد دالين جبّور كلاسيكيات شرقية كالموشحات والأعمال الغنائية المبنية على الشعر الصوفي القديم.
—————————————————————
أمسية طربية لدالين جبّور وفرقتها في «دار النمر» (بيروت / شارع كليمنصو)، الخميس 8 حزيران (يونيو) الساعة التاسعة والنصف مساءً.