منذ أن اعتلت الممثلة اللبنانية نادين الراسين منصة إحدى الفضائيات العربية، وقالت بالفم الملآن إنّ أداءها بات يدّرس في الجامعات، قلنا إنّنا سنودّع زمن الاستغراب، فعلائم الساعة الدرامية الكبرى بدأت بالظهور، وكأنه لم يعد يفصلنا عن النيزك الذي سيدمّر الفن في هذا الجزء من الكوكب، إلا بضع ساعات...
ثم مع اشتداد حالة الفوضى التي تسوّر هذه الصنعة، وما لحق السوريين على وجه الخصوص من أذى على كافة الأصعدة، ذكرنا ذات مرّة بأنه من المؤسف أننا بتنا على مقربة من يوم وشيك، سيظهر علينا فيه «مبشّر» بالدراما أو «مطاوع» فني يتسوّل قمع حكومته لليد العامة السورية وهو يقول «الشكوى لغير الله مذلة»، بعد أن يحاضر فينا بأحقية طوني عيسى ويوسف الخال ويوسف حداد مثلاً، ليحتلوا أماكن الراحلين الكبار خالد تاجا ورفيق السبيعي وعمر حجو؟! طالما أن نادين نجيم باتت تتقاسم المجد مع تيم حسن، وقبله مع عابد فهد، ودخول سيرين عبد النور إلى سوريا أضحى قضية رأي عام، وتراجع اسمي كاريس بشار وشكران مرتجى ليظهرا بعد اسم نيكول سابا (الصورة). هكذا، لم يعد هناك ما يثير الدهشة! وبالفعل صدقت النبوءة وظهر «المبشر» المنتظر ليقارن النجم قصي خولي بيورغو شلهوب! ويقيس على ذلك، وهو يصيغ نشرة تحريض وقطع أرزاق لاهبة، استبق في مطلعها من يريد اتهامه بالعنصرية، بعدما عنونها بطريقة جديدة على لغة العناوين الصحافية -ربما تدرّس هذه الطريقة في الجامعة ذاتها التي يدرّس فيها أداء الراسي- العنوان هو «الممثلون اللبنانيون ينامون بالعرض في الشاليهات الشعبية ياعيب الشوم!». لا يمكن أن يمسك القارئ نفسه وهو يهجي هذه الحروف. لا بد أن يصرخ "الله يا سيد" وكأنه أمام أداء صحافي يوازي طرب الست أم كلثوم أيام زمان. على أي حال، النشرة يمكن اختصارها باللافتة التي تداولها رواد السوشيال ميديا قبل أيام، وعُلقت في إحدى القرى اللبنانية لتقول حرفياً: «أيها السوري.. اليد التي تمتد على لقمة عيشنا سنقطعها» ووقعت باسم عمّال البلدة «الموازين فعلياً لمن يرفع الصوت اليوم لأنه "لن يسكت عن البطالة في الدراما الوطنية" كما قالت النشرة التحريضية. كان ينقص مقال «ليبانون فايلز» أن يوقّع باسم عمال الدراما اللبنانية ليكتمل خزي المشهد.
غالباً لا يفيد منطق التكرار هنا لأنه لم يترك أثراً عند محركي العنصرية، لذا يمكن القول بذروة الاختصار ومنتهى الثقة بأنه لولا الحرب السورية التي بعثرت شعب هذا البلد ونجومه، لما سمع جمهور الوطن العربي ولا القائمون على المحطات العربية باسم الدراما اللبنانية الحديثة، ونجومها الجدد الوافدين إلى الشهرة طارئاً، بعد جيل كبير ملفت من المخضرمين أمثال كارمن لبّس ورفيق علي أحمد وعبد المجيد مجذوب والراحلة هند أبي اللمع والقائمة تطول. وربما كان المشاهد بغنى عن صرعة منفرة اسمها الدراما العربية المشتركة!