استنفار إعلامي غير مسبوق، قادته القنوات الخليجية، لمواكبة زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب وعقيلته وابنته (والوفد الضخم المرافق) للرياض. الزيارة التي بدأت أول من أمس، وصفت بـ«التاريخية»، كأول زيارة خارجية لترامب بعد انتخابه رئيساً. المواكبة الإعلامية الخليجية، استخدمت كل المنصات التقليدية والجديدة، لنقل وقائع هذه الزيارة وتفاصيلها، وأطلقت هاشتاغ «#قمة_الرياض»، كإعلان مدفوع على تويتر، ليتصدّر باقي المواضيع على هذا الموقع. أما على صفحات الشبكات الإعلامية الخليجية، فقد استخدمت تقنية البث الحيّ، لنقل هذا الحدث لحظة بلحظة.
زيارة ترامب للسعودية، لعقد قمة أميركية ــ عربية ــ إسلامية، لاقت حفاوة غير مسبوقة من قبل ملك السعودية سلمان بن عبد العزيز، ورست على صفقات تجارية ضخمة. إذاً، بعد التهليل للضربة الأميركية لمطار «الشعيرات» في نيسان (أبريل) الماضي، وإسباغ المديح على الرئيس الأميركي، بصفته كسر خيبات سلفه باراك أوباما، في علاقته مع دول الخليج، تأتي اليوم «قمة الرياض» لتكون رافعة لهذه العلاقات الثنائية بين البلدين.

ماكينة إعلامية ضخمة، واكبت الزيارة، وانتقلت باستوديواتها، أكان في دبي، أم الدوحة إلى الرياض، وبدأت باستقبال المحللين السياسيين، والوقوف على أهمية هذه الزيارة في الوقت الراهن.
قناة «الجزيرة»، التي روّجت في تغطيتها أنّ هذه الزيارة ستُرسي «الاستقرار والأمن» في المنطقة، ركزت على أهميتها بكونها «ستتصدى لسياسات إيران العدوانية»، وسط بؤر أمنية في المنطقة، متمثلة في العراق وسوريا واليمن، وروجت لإنشاء ما سُمِّي «ناتو عربي»، يسعى من خلاله ترامب إلى محاربة «الإرهاب» و«إيران». في تقرير لمراسلها محمد إبراهيم، بُثَّ أول من أمس، جرى التركيز على مجابهة هذه القمة لإيران و«ميليشياتها» المسلحة في المنطقة، التي تحمل «طابعاً طائفياً وعقائدياً». في موازاة إيران، وضع التقرير «داعش» في المصاف عينه، مدعياً أنّ «الدول الإسلامية دفعت ثمناً» كبيراً في محاربتها. القناة القطرية، فنّدت كيفية تحسّن العلاقة الخليجية مع ترامب بعد قصف مطار «الشعيرات» السوري، ودعمه «التحالف العربي» في اليمن، و«محاربته الميليشيات» في المنطقة. هذه العناوين، روّجت لها «الجزيرة» بكونها أعادت التلاقي بين واشنطن والرياض. وعلى المقلب الآخر غير السياسي، أضاءت القناة القطرية على ملابس زوجة ترامب وكريمته، «المحتشمة»، و«العصرية» على حد سواء. ورأت أنّ هذا الأمر يأتي انسجاماً مع تقاليد الرياض.
كذلك ركزت على ما وصفته بـ«الصور الدافئة» بين الملك السعودي والرئيس الأميركي. قناة «العربية»، التي نقلت أيضاً استوديواتها إلى الرياض، تقاطعت تغطيتها للحدث مع «الجزيرة»، بترويج أنّ هذه القمة من شأنها «كبح جماح النفوذ الإيراني»، و«إصلاح الخلل» في السياسة الأميركية التي انتهجها أوباما. من ناحية أخرى، دأبت القناة السعودية على بث سلسلة تقارير صامتة سريعة، مع موسيقى مصاحبة، تتحدث عن أبرز القمم الأميركية ــ السعودية السابقة التي حدثت منذ 70 عاماً. كذلك تناولت زيارات الرؤساء الأميركيين للخارج منذ ريتشارد نيكسون إلى اليوم. ولم تنفك تردد أنّ هذا التحالف الجديد بين أميركا والسعودية، سيكون الداعم الأساسي لملفات المنطقة المشتركة في اليمن وسوريا والعراق أيضاً.
إذاً، هي أشبه بغرفة عمليات إعلامية موحّدة، خرجت منها عناوين وخطوط لزيارة ترامب للرياض. وحّدت القنوات الخليجية عناوين تغطيتها لهذا الحدث، وأفردت له ساعات طويلة من البث المباشر والتحليل السياسي، وركزت على المردود الاقتصادي للرياض، الذي سيتأتى عن هذه الصفقات، فكانت أشبه بجبهة موازية للسياسة، وواجهة تروّج «لمرحلة سياسية جديدة» في العالم.