أزمة سياسية جديدة هزت البرازيل بعد نشر تسجيلات صوتية تثبت تورط الرئيس ميشال تامر وعدد من أفراد حكومته وحلفائه في إدارة كبرى عمليات الفساد، التي شملت بالإضافة إلى العبث في مقدرات الشركات الحكومية عقد صفقات كبرى مع شركات خاصة لتجيير التلزيمات مقابل رشى فاقت مئات الملايين من الدولارات. التسريبات استدعت قراراً قضائياً مستعجلاً من «المجلس الدستوري» الذي سمح بمساءلة تامر، بما يشير إلى واقع يشبه عملية عزل سابقته قبل سنة.
آخر التسجيلات، التي بثتها شبكة «غلوبو» البرازيلية، أمس، كشفت عن تورط الأمين العام لمجلس الوزراء الحالي، جيديل ليما، في تلزيمات غير قانونية بإيعاز من تامر، والأخير قبل استقالة وزير الثقافة السابق مارسلو كاليرو، بسرعة، بعد اعتراضه على تجاوزات فريق تامر. كما كشفت التسجيلات، ووراء تسريبها كاليرو، عن مقايضة أجراها تامر مع رئيس البرلمان المعزول، إدواردو كونيا، ومضمونها صمت الأخير مقابل حريته وتبرئته من تهم الفساد التي يقضي بموجبها عقوبة تصل إلى السجن 15 عاماً.

التسريبات استدعت
قراراً قضائياً مستعجلاً يمهّد للمساءلة والعزل

بعد دقائق على بث التسجيلات الأولى، ظهرت تسجيلات أخرى طاولت الزعيم اليميني والمرشح السابق للرئاسة أيسيو نيفيز الذي طلب من رئيس كبرى شركات الدواجن (JBS) رشوة بمليوني دولار مقابل خدمات ضريبية وجمركية، الأمر الذي استدعى تدخلاً سريعاً للقضاء الأعلى، الذي علق عضوية نيفيس والنائب اليميني رودريغو لوريس، ثم توجهت قوة من الشرطة الفيدرالية إلى مكاتبهما داخل مقري مجلس الشيوخ والبرلمان لإقفالهما.
بث التسجيلات كان له وقع الصاعقة على القطاع الاقتصادي، إذ انخفض سعر صرف الريال البرازيلي بحدة وفقد أكثر من 12% من قيمته في مدة لم تتجازو اليوم، ما استدعى تدخلاً طارئاً من البنك المركزي الذي أوقف تدهور أسعار الأسهم. وواكب ذلك ارتدادات في الوسط الشعبي؛ أبرزها مطالبة «منظمة البرازيل الحرة» الرئيس بالاستقالة الفورية، مهددة عبر المتحدث باسمها، روجيرو شقير، في حديث إلى «الأخبار»، بأن التيار الشعبي الذي حاسب الرئسية العمالية السابقة الآن بصدد درس الخيارات ضد تامر.
في المقابل، سارع الرئيس إلى إلغاء كل مواعيده ودعوة وزرائه إلى اجتماع مفتوح، كما حاول امتصاص الحدث عبر مستشاره موريرا فرانكو، الذي أعلن أن الحكومة الاتحادية ليست معنية بمحتوى تسجيلات كاليرو، فيما وصف التسجيلات بـ«المكر السياسي المفضوح».
لكن حزب «العمال» رحب بالإجراءات القضائية التي بدأت تطاول ما سماه رأس الفساد، كما رأى أن ذلك يعبر عن الحقيقة التي طمسها «الانقلابيون» الذين يحاكمون الزعيم العمالي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا بتهمة صيانة شقة لم يثبت ملكيته لها، وقبلها إقصاء ديلما روسيف من الرئاسة. ويرى العماليون أن الحكومة الحالية تحاول «شيطنة اليسار» وإبعاده عن الساحة، مشيرين، في أحاديث إلى «الأخبار»، إلى أن «الشعب البرازيلي بات أمام لحظة تخوله اعتبار ميشال تامر منذ هذه اللحظة... رئيساً سابقاً».