من المُقرّر أن تُباشر أعمال نقل الأعمدة والحجارة الأثرية، التي رُميت أخيراً في منطقة البيال، إلى حرج بيروت في الفترة المُقبلة. تُفيد المُعطيات بأنّ أحجاراً أثرية مماثلة نُقلت إلى الحرج منذ نحو أربعة أشهر، وذلك ضمن إجراءات اتخذتها مديرية الآثار تهدف إلى «توزيع» بعض الآثار على الأماكن العامة بسبب تزايد أعداد الآثار المُكتشفة بفعل الحفريات أولاً، وضيق المُستودعات المخصصة لـ «احتضان» هذه الآثارات تالياً.
في بيروت، هناك تقريباً مُستودع واحد وأساسي تابع للمديرية في فرن الشباك، يُسمّى «مستودع التحويطة»، وفق ما يُشير مصدر في مُديرية الآثار العامة. يقول الأخير إنّ هذا المُستودع بلغ تقريباً طاقته الاستيعابية، «إلا أنه مع كل اكتشاف جديد نقوم بتفريغ بعضه وتوزيعه، أو نقوم بما يُسمى إعادة دمجه بالمشاريع». إضافة إلى «مُستودع التحويطة»، تعمد وزارة الثقافة إلى عرض بعض الآثار ذات الأهمية الخاصة في متحف بيروت. ووفق المصدر نفسه، فإن المُديرية تسعى حالياً إلى وضع خطط لاستحداث مواقع ومستودعات جديدة.
الآثار والأحجار التي رمتها شركة «سوليدير» منذ أيام بجانب البحر في منطقة البيال، كانت موجودة على عقار تابع للأملاك العامة في منطقة الردم لواجهة بيروت البحرية (التي وُضعت في ما بعد تحت تصرف الشركة) ضمن إجراءات توزيع آلاف الآثار التي اكتشفت في خلال فترة التسعينيات (بين عام 1990 و1994) في أثناء الورش والحفريات التي كانت «تنهش» آنذاك أسواق بيروت.
يقول المعنيون في الشركة إن الأخيرة لجأت إلى نقلها إلى عقار آخر، بسبب شروعها بتنفيذ مشروع لها في العقار الذي كان «يؤوي» هذه الآثار «التي كانت بإشراف المُديرية العامة للآثار ولا تزال تحت إشرافها». ويُشير هؤلاء إلى أن وضع هذه الآثارات بجانب البحر حالياً «لم يؤثر فيها، ولن يؤثر إذا بقيت هذه الفترة في المكان نفسه».

جزء كبير من هذه
الآثار سيُنقل إلى
حرج بيروت

إلا أن المُشكلة الحالية تتعلّق بـ «رمزية» ما يحصل، وفق ما يقول المهندس المعماري المهتم بالتراث والآثار عبد الحليم جبر لـ «الأخبار». يلفت جبر إلى أن ما يحدث اليوم، كمشهد، يعكس طبيعة التحولات التي طاولت المدينة. هو باختصار: «استكمال نمو الإسمنت على حساب الآثار».
على كل حال، إنّ جزءاً كبيراً من هذه الآثار سيُنقل إلى حرج بيروت، وذلك بعدما وافق محافظ المدينة القاضي زياد شبيب على نقلها إلى الحرج.
يقول المصدر في مديرية الآثار إن بعض الأماكن العامة، كحرج بيروت، يصلح كمستودعات مكشوفة تُعرَض فيها الآثار بطريقة تحفظ قيمتها، لافتاً إلى أن المديرية تخطط حالياً بالتنسيق مع بلدية بيروت لاعتماد أماكن عامة من أجل استخدامها كأماكن «عرض» لهذه الآثار، أو تحسباً لأية آثار ستُكتشف لاحقاً.
يقول المدير التنفيذي لجمعية «نحن» محمد أيوب، إن الأحجار والأعمدة التراثية «تُرمى بطريقة عشوائية، وكأن الحرج بات مكبّاً»، في إشارة إلى غياب «أهمية العرض» التي تُشير إليها المديرية.
يردّ المصدر في المديرية على هذا الأمر، بالقول إن الآثار الموجودة حالياً موضوعة بهذه الطريقة «مؤقتاً»، لافتاً إلى سعي الوزارة إلى وضع لافتات وإعادة عرضها بطريقة لائقة تحفظ لها قيمتها وتكون في نفس الوقت على تماس مع الناس «وهو أمر جيد». لكن، لعلّ ما يُخشى من وراء هذه الحادثة، إرساؤها كنموذج يرمي بالآثار لمصلحة المشاريع الإسمنتية التي تنمو في المدينة.