صدر أخيراً عن «منشورات المتوسط-إيطاليا»، ثلاثة أعمال للشاعر والناقد فوزي كريم (1945)، في إطار نشاطه النقدي، وتحديداً في مجال الشعر، الذي بدأه منذ الستينيات. «شاعر المتاهة وشاعر الراية، الشعر وجذور الكراهية»، هو المؤّلف الأول الذي يلقي الضوء على تاريخية القصائد عند العرب ومزاياها، من بدر شاكر السياب الى عبد الوهاب البياتي الذي حمل راية «الأممية»، الآتية من سيطرة اليسار السياسي وقتها على بغداد.
في هذا الكتاب، ينتقد كريم المنحى «القومي» الذي اتخذته القصائد العربية بعد النكسة (حزيران 1967)، بدل تحولها الى حركة أممية. ويشيد هنا، بتجربة الشاعر العراقي سعدي يوسف، إذ يصفه بالشاعر ذي «الموهبة التامة النضج»، ويعرّج على تأثر الأخير بالبياتي واستلامه لـ «قبضة القومية الخضراء».
في «القلب المفكر، الشعر يغنّي، ولكنه يفكر ايضاً»، يكشف الناقد العراقي الفارق الشاسع بين نصوص الشعر العربي بكل مراحله، وبين المنحى العالمي. في وقت كانت فيه القصيدة العربية ترنو الى «المهارة» والعناية بالشكل، كان المسعى العالمي يذهب الى «القصيدة المفكرة». أما في كتابه الأخير «ثياب الأمبراطور، الشعر، ومرايا الحداثة الخادعة»، الذي صدر اليوم بطبعة ثانية مزيدة ومنقحة، بعد 17 عاماً من الطبعة الأولى، فينتقد الشاعر المخضرم بقوة، ما سمي وقتها بـ «الشعر الطليعي»، الذي لم ير فيه سوى «خطى بائسة تخوض في وحل إيهامها، المتعدد الأوجه، للنفس»، مع إزدياد التكاثر العددي لكتّاب الشعر، المرتبط بـ «إنحطاط النص»، على حد وصفه، وقد تضخم مع إنتشار الإنترنت، وتعاظم أكثر بفضلها وأضحى «ظاهرة مرضية».