ليست المرة الأولى التي تقتحم فيها APEAL الفن من خارج بيروت. السنة الماضية، وصلت «الجمعية اللبنانية لتطوير وعرض الفنون» إلى أكثر القرى النائية في الشمال اللبناني وهي رأس مسقا، حيث نظّمت إقامة فنية لستة فنانين. النسخة الثانية من الإقامات الفنية تتجه جنوباً هذه المرة وتحديداً إلى منطقة جزين.
أوّل من أمس، أطلق «بما» (بيروت متحف الفن) على رأسه جمعية APEAL بالتعاون مع «منصة فنية مؤقّتة» (T.A.P)، النسخة الثانية من الإقامات الفنية في مؤتمر صحافي أقيم في أحد فنادق بيروت، شارك فيه رئيس اتحاد بلديات جزين خليل حرفوش، والقيمة الفنية للمشروع أماندا أبي خليل، مع نائبة رئيس APEAL ندى الخوري للإعلان عن الإقامة وبرنامجها الذي يمتدّ على مدى شهر كامل (من 1 أيار/مايو حتى 31 منه).
تحمل هذه النسخة عنوان «المياه»، المستوحى من الطبيعة الجغرافية لجزين وشلالاتها، ومواردها المائية الوافرة. ستتركّز أعمال وأبحاث الفنانين الستة المشاركين على المياه، باعتبارها جذر الحياة الأساسي، وباعتبارها مورداً اجتماعياً وثقافياً أساسياً لدى جزين وسكانها. يشرك المشروع هؤلاء في أنشطته، حيث «اختبار مفهوم المياه ومقاربته ثقافياً واجتماعياً وبيئياً» كما قالت أبي خليل في المؤتمر، بالتعاون مع اتحاد بلديات جزين ومع «المركز الثقافي في جزين» (Jezzine Hub). أما الفنانون المشاركون، فسيتناولون المياه من نواح ثقافية وفنية واجتماعية مختلفة، خصوصاً أنهم يملكون تجارب تراوح بين الفن المفاهيمي والفن الغرافيكي والفوتوغرافيا والسينما. لا تزال مشاريع الفنانين مجهولة حتى الساعة، إذ ستكتمل أفكارهم وتتبلور خلال إقامتهم في جزين وتفاعلهم مع المحيط هناك.

تجارب تراوح بين الفن
المفاهيمي والغرافيكي والفوتوغرافيا والسينما


كريستين كتانة الآتية من خلفية في الاقتصاد والفن المفاهيمي، لا تبتعد تجربتها الفنية عن الطبيعة كما في معرضها الأخير «استنشقني، المسني وقبلني»، الذي طرحت فيه بعض الأسئلة الفلسفية من خلال النمل والصابون والسكر وبعض العناصر الطبيعية. حسين ناصر الدين، المصمم الغرافيكي يشارك أيضاً في الإقامة الفنية. الفنان اللبناني طال عمله الغرافيكي الملصقات وتصميم المجلات، إلى جانب مشاريع خاصة قام بها كترجمة بعض الروايات بصرياً مثل «مئة وثمانون غروباً» لحسن داوود، و«الوجوه البيضاء» لالياس خوري. الفوتوغرافي وفنان الفيديو اللبناني محمود الصفدي الذي عمل على تصوير أجساد السابحين في دالية الروشة، يشارك في الإقامة أيضاً إلى جانب المخرج اللبناني أشرف مطاوع، والباحثة المقيمة في كاليفورنيا سوزي حلاجيان والفنان التجهيزي والنحات العراقي مو عبد الله الذي انتشرت تجهيزاته الفنية في شوارع بعض المدن الأوروبية.
إذاً تؤمن الإقامة مساحة للفنانين ومشاريعهم للعمل على ثيمة المياه، ضمن الرؤية الفنية/ الاجتماعية لـ APEAL التي تهدف «إلى التفاعل مع المحيط ودعوة الناس لتذوّق الفنون والتفاعل معها خارج العاصمة»، وفق الخوري. خلال المؤتمر، أعلن أيضاً عن برنامج فني عام يقام على هامش الإقامة، ويتمحور أيضاً حول المياه، ويسعى لإشراك الناس في جزين وصيدا وبيروت. هكذا ستقام نزهة للأطفال على طول الدرب الجبلي الذي يمتدّ من عندقت وصولاً إلى مرجعيون في الجنوب اللبناني، مع جمعية «درب الجبل اللبناني» (12 و13/5). وبالتعاون مع جمعية «تراب للتربية البيئية لبنان» (soils)، ستقام حلقة عمل تحضيريّة لتربية النحل مع بسام خوند في «مركز تربية النحل والتعرف على الطبيعة» في صيدا (7/5). كما هناك ورشة عمل مع نديم وأندريا سامن بعنوان «سحر المياه»، حول تحسين نوعية مياه الشرب واستخدام المياه، وتوسيع آفاق فهم مدى تأثير الأفكار على العالم المادي (27/5).
إلى جانب هذه الورش البيئية، تواصل الإقامة تعزيز تقاطع هذه المواضيع مع الفنون، فتعرض مجموعة من الأفلام هي «ربيع» لفاتشيه بولغورجيان الذي سيحضر العرض (13/5)، و«ولاد بيروت» لسارة سراج حول دالية الروشة التي ستحتضن الفيلم بحضور المخرجة أيضاً (20/5)، و«أرض مجهولة» لغسان سلهب الذي سيحضر العرض في جزين (6/5). وبعدما أطلق في «متروبوليس أمبير صوفيل» أخيراً، سيعرض «سرك سهل» لروي ديب (27/5) الذي وثّق فيه لورشة مسرحية أقامتها «فرقة زقاق» بالتعاون مع APEAL التي أرادت التوجه إلى البالغين في مدينة بعلبك. علماً أن الإقامة الحالية تدعو فنانين إلى زيارة المشاركين وإغناء الحوارات والنقاشات مثل فارتان أفاكيان وتوماس جيجر ودانيال جينادري وماري جرمانوس سابا وشربل صاموئيل عون وشربل ـ جوزيف حاج بطرس. وفي انتظار افتتاح متحفها في بيروت عام 2020، تواصل APEAL نشر الفنون خارج العاصمة اللبنانية كما في «الإقامة الفنية في رأس مسقا»، وقبلها عبر تدخلات الفنانين في الصحف اللبنانية ثم الورشة المسرحية في بعلبك التي أودت إلى «سرّك سهل»، وأخيراً «الإقامة الفنية في جزين التي تنطلق نهار الاثنين 1 أيار (مايو) المقبل».

«الإقامة الفنية في جزين»: من 1 حتى 31 أيار (مايو) ــ جزين (جنوب لبنان).