رفض مجلس الدولة في تركيا، وهو أعلى محكمة إدارية عليا في البلاد، طعناً قانونياً تقدمت به المعارضة في نتيجة الاستفتاء الأخير حول توسيع صلاحيات رئيس الجمهورية، في وقت أدرجت فيه الجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا تركيا على قائمة الدول الخاضعة للمراقبة، في قرار رأته الحكومة التركية «جائراً».
وكان «حزب الشعب الجمهوري» المعارض قد انتقد قرار المجلس الأعلى للانتخابات قبول بطاقات اقتراع لا تحمل الختم الرسمي في لحظات ما قبل فرز الأصوات، ما دفعه إلى تقديم طلب، نهاية الأسبوع الماضي إلى مجلس الدولة، وذلك بعد رفض «المجلس الأعلى للانتخابات» طلبات إلغاء نتائج الاستفتاء. ورأى «الشعب الجمهوري» أن قرار المجلس أمس، هو «إداري»، لكن الأخير رفض الطعن بالأغلبية، وقال إنه لا يستطيع إصدار قرار بشأن ما أشرف عليه «المجلس الانتخابي»، لأنه «لا يحمل طبيعة إدارية»، وفق ما نقلت وكالة «الأناضول» التركية.
ومنذ صدور نتائج الاستفتاء، تواصل المعارضة في تركيا، خاصة «الشعب الجمهوري» المطالبة بإعادة النظر فيها، كذلك طالب الحزب نفسه مجلس الدولة بتأجيل إعلان النتائج الرسمية للاستفتاء حتى حلّ مسألة الطعن.

لم تفلح المعارضة
بعد في تمرير الطعن بنتائج الاستفتاء الأخير

ورغم إصرار السلطات التركية على المضي قدماً في تعديلاتها، أكدت منظمة أهلية مستقلة تدعى «لا وأبعد منها»، أن الاستفتاء «باطل بموجب جميع الأسس القانونية». وفي تقرير نشر أمس، قالت المنظمة التي جمعت معلومات عن الخروق يوم التصويت، إن «الثقة في ابتعاد الانتخابات وآليات التصويت العامة عن الممارسات المشبوهة هي الحجر الأساس للديموقراطية في بلدنا وحق لكل مواطن»، مضيفة: «من الجلي عدم ثبوت هذا الحق».
ونشرت هذه المنظمة، التي تأسست قبل شهرين، نحو 15 ألف متطوع في مكاتب الاقتراع حول البلاد، وتقول إنها رصدت 2397 صندوقاً بين الصناديق الـ7448، فاق عدد البطاقات فيها عدد الناخبين. وبلغ إجمالي الأصوات في تلك الصناديق 1.67 مليون، 60.7% منها صوت «نعم».
في هذا السياق، قالت داملا أتالاي، وهي محامية في المنظمة، إنّ «من الضروري إعادة الاستفتاء»، مضيفة أن غالبية الخروق التي رصدتها منظمتها حدثت في الشرق والجنوب الشرقي للبلاد.
وفي ظل البلبلة التي تحيط بنتائج الاستفتاء التركي، أدرجت «الجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا» أمس، تركيا على قائمة الدول الخاضعة للمراقبة، بناءً على مخاوف حيال ما ترى فيه خنقاً للمعارضة وانتهاكات لحقوق الإنسان في عهد إردوغان. وتجعل هذه الخطوة من تركيا أول بلد بين الدول الـ47 الأعضاء في المجلس تحت المراقبة بسبب مخاوف بشأن طريقة الحكم.
وصوّت المجلس، الذي يضم أكثر من 300 نائب من برلمانات الدول الأعضاء في مجلس أوروبا، بأغلبية 113 صوتاً مقابل 45 صوتاً لمصلحة بدء مراقبة تركيا «حتى تُعالَج هذه المخاوف بصورة مريحة»، فيما امتنع 12 عضواً عن التصويت. ودعا المجلس أنقرة إلى رفع حالة الطوارئ التي فرضتها بعد المحاولة الانقلابية الفاشلة في تموز الماضي بأقصى سرعة، والعمل على الإفراج عن النواب والصحافيين المحتجزين بانتظار محاكمتهم. ودعا كذلك إلى «اتخاذ إجراءات عادلة لإعادة حرية التعبير والصحافة»، كذلك ستتضمن عملية المراقبة زيارات منتظمة ينفذها مقرران، إضافة إلى إجراء نقاش حول تحقيق أي تطور.
في المقابل، رأت أنقرة أن قرار الجمعية «جائر»، مضيفة أنه يترك تركيا «أمام خيار واحد هو إعادة النظر في علاقاتها مع المجلس». وقالت وزارة الخارجية في بيان، إن «قرار إعادة إجراءات المراقبة لتركيا... تحت إشراف دوائر خبيثة في الجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا هو عارٍ على هذا التكتل الذي يزعم أنه مهد الديموقراطية». وأضاف البيان أن «رهاب الأجانب ورهاب الإسلام ينتشران مع العنف» في أرجاء أوروبا. فيما وصف وزير شؤون الاتحاد الأوروبي، عمر جليك، القرار بأنه «خطأ تاريخي بالنسبة للمجلس الأوروبي وللجمعية البرلمانية».
(الأخبار، أ ف ب، رويترز)