تسعى واشنطن إلى طمأنة حلفائها في المنطقة، معتمدة بنحو أساسي على رافع راية «محاربة النفوذ الإيراني»، بشتى الطرق المتاحة، في سبيل تأكيد عودة الحلف التاريخي بين واشنطن والرياض، بعيد تسلّم دونالد ترامب السلطة في الولايات المتحدة. وفي الوقت الذي شهدت فيه الرياض تصعيداً كلامياً أميركياً ضد طهران، على لسان وزير الدفاع جيمس ماتيس، أعلنت الإدارة الأميركية أنها ستراجع موقفها من رفع العقوبات المفروضة على إيران، تطبيقاً للاتفاق الخاص بالبرنامج النووي قبل عامين، لمعرفة إن كان ذلك يتماشى مع مصالح الأمن القومي الأميركي.
وفي خطاب وجّهه وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون، إلى رئيس المجلس النواب بول راين، أقرّ بأن طهران ملتزمة بنود الاتفاق حتى الآن. ولكنه أثار مخاوف بشأن دور إيران «كدولة راعية للإرهاب». وقال إن الرئيس دونالد ترامب وجّه أجهزة حكومية تعمل تحت إشراف مجلس الأمن القومي، إلى مراجعة الموقف تجاه تعليق العقوبات، وإن كان هذا يتفق ومصلحة الأمن القومي.
تزامن بيان تيلرسون مع زيارة وزير الدفاع جيمس ماتيس للرياض، حيث ركّز كلّ تصريحاته على مهاجمة إيران، في وقت أفاد فيه مسؤول أميركي في وزارة الدفاع، بأن ماتيس قام بهذه الزيارة بهدف «إعادة إحياء» الحلف الأميركي السعودي و«الاستماع» إلى مطالب قادة المملكة و«ما يحتاجون إليه فعلاً».

واشنطن: من مصلحتنا وجود قوات مسلّحة سعودية قوية
وتأتي الزيارة بعد أشهر طويلة من الفتور في ظل إدارة الرئيس الأسبق باراك أوباما، وبينما يعمل الطرفان على إعادة ترميم العلاقة التي طغى عليها شعور الرياض بالتهميش، بعيد توقيع الاتفاق النووي مع طهران. وتجد الرياض في إدارة ترامب آذاناً صاغية تتفاعل مع قلقها من «التدخلات الإيرانية» في دول المنطقة، خصوصاً في ظل تكثيف مسؤولي هذه الإدارة اتهاماتهم لطهران بزعزعة استقرار المنطقة وتلويحهم باتخاذ إجراءات بحقها.
وبعد اجتماع مع كبار المسؤولين السعوديين، قال ماتيس إن إيران «تلعب دوراً يزعزع الاستقرار في المنطقة»، معتبراً أنه «ينبغي التصدي لنفوذها من أجل التوصل إلى حل للصراع اليمني، من خلال مفاوضات برعاية الأمم المتحدة». ماتيس الذي تُعرف عنه عداوته وكرهه لطهران، وجد في الرياض منصّة صلبة للإعراب عن مشاعره، فقال: «في كل مكان تنظر إن كانت هناك مشكلة في المنطقة، تجد إيران». ورأى أنه «يجب التغلّب على مساعي إيران لزعزعة استقرار بلد آخر، وتشكيل ميليشيا أخرى في صورة حزب الله اللبناني».
من جهة أخرى، أشار وزير الدفاع الأميركي إلى أن «من مصلحتنا وجود قوات مسلّحة واستخبارات سعودية قوية». وتحدث عن إمكانية قيام ترامب بزيارة للرياض، قائلاً إن «ما نفعله هنا اليوم يمكن أن يفتح الباب لمجيء رئيسنا إلى السعودية». والتقى ماتيس عدداً من المسؤولين السعوديين، من بينهم الملك سلمان بن عبد العزيز ونظيره ولي ولي العهد محمد بن سلمان. وبحسب وكالة الأنباء الرسمية، جرى «بحث سبل تعزيز علاقات الصداقة الاستراتيجية بين المملكة والولايات المتحدة الأميركية، وخصوصاً في المجال الدفاعي، وتطورات الأحداث الإقليمية والدولية».
(الأخبار، رويترز، أ ف ب)