عام 2012، اتفق ممثلو «الأحزاب المسيحية» الأربعة في بكركي على اعتماد النسبية في الانتخابات النيابية وفق الدوائر الـ15، بعد أن انحصر النقاش بين هذا المشروع واقتراح «اللقاء الأرثوذكسي». كان ذلك قبل أن يتنصّل التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية من النسبية، داقين ناقوس الخطر منها.
الملاحظات التي دوّنها الحاضرون، تشهد على «تبشير» النائب جورج عدوان بأهمية اعتماد النسبية. وخلال محاولاته إقناع النائب سامي الجميّل بها، نفى أي ربط بين النسبية والعددية. وأكد أنّ حصر الصوت التفضيلي لا يُفسح المجال لسيطرة طائفة على أصوات طائفة أخرى. فكلّ فريق سيكون معنياً بإيصال مرشحيه. الأحزاب التي كانت تريد قانوناً يتيح تمثيلاً عادلاً للمسيحيين، خلافاً للواقع الذي كان يفرضه «الستين» وتعديلاته في الـ2008، توصلت إلى هذه النتيجة بعد «أن تبين لنا أنّ النسبية وفق الـ15 دائرة تؤمن انتخاب ما بين 50 و52 نائباً مسيحياً بأصوات المسيحيين»، بحسب أكثر من مصدر في لجنة بكركي ينتمون إلى فريقي (سابقاً) 8 و14 آذار. على الرغم من أنّ أرقام الخبراء الانتخابيين والعاملين في مجال الإحصاءات تتفاوت ما بين 46 و52 مقعداً. لم تتنكر القوات فقط لرفعها راية النسبية، بل أصبحت مصادرها تُروّج أنّ المشروع الذي روّجت له في بكركي سابقاً لا يؤمّن سوى 43 مقعداً بقوة المسيحيين الذاتية. وهو ما لا يبدو منطقياً، إذ كيف يُمكن أن تقبل الأحزاب التي تدّعي «تصحيح الخلل» أن تتبنّى مشروعين أحدهما يؤمّن انتخاب 64 نائباً (الأرثوذكسي)، والآخر 43 نائباً فقط؟ لماذا، في حينه، لم يتم إسقاط النسبية من النقاش إذا كانت فعلاً لا تُؤمّن انتخاب 50 نائباً مسيحياً أو أكثر؟ وما هو السبب الحقيقي لتنصّل التيار والقوات من النسبية؟
تبدو مصادر تكتل التغيير والاصلاح صريحة جداً وهي تقول إنّ «التحالف مع القوات بدّل في الحسابات». فإذا اعتُمدت النسبية، «حتماً لن يكون لدينا مصلحة في التحالف مع القوات. الحزبان، حينها، لن يكتسحا المناطق المسيحية، وسيكون هناك إمكانية أن تخرق قوى أخرى». أما النظام المختلط أو التأهيلي فـ«يعني فوزاً شاملاً للتحالف العوني ــ القواتي». هناك سبب آخر للتراجع عن النسبية: «الحدّ من تأثير بقية الطوائف في المقاعد المسيحية».
بالنسبة إلى القوات، «لا يُمكن عزل الاتفاق داخل لجنة بكركي عن السياق العام في حينه». كان البلد منقسماً «بين 14 و8 آذار، ولم يكن هناك اتفاق بيننا وبين التيار. طرح العونيون النسبية انطلاقاً من تفاهمهم مع حزب الله. أما نحن فذهبنا إلى بكركي لطرح الخمسين دائرة وفق النظام الأكثري». النسبية «كانت الخيار الثالث بعد الأرثوذكسي والخمسين دائرة، لأنّ الهدف كان التخلص من نكبة الستين». القانون، بالنسبة إلى القوات، «وسيلة لتقريبنا من تحقيق المناصفة. حتى إذا تبنّينا المختلط، نتخلى عنه إذا وجدنا صيغة أخرى تفي بالغرض». تُنكر مصادر القوات أن يكون هدف القوات والتيار السيطرة على كامل المقاعد «بقدر ما هو تأمين شعور للمسيحيين بأنهم يؤثرون بانتخاب النواب واستعادة فعالية الدور». رغم ذلك، يوحي كلام المصادر بأنّ أبواب النسبية ليست موصدة نهائياً، فـ«لا نعرف ما هي الضمانات التي يُمكن لحزب الله أن يُقدمها لطمأنتنا. فهو متشدد بالنسبة إلى الصوت التفضيلي، ونحن نُفضّل أن نحافظ على نظامنا بأن يكون أكثرياً ويُشكل ضمانة لتمثيل الجماعات، ولكن الأمور رهن اللحظة السياسية».