صنعاء | نجح الجيش واللجان الشعبية في استعادة زمام الأمور في معركة نهم، وذلك بعد أسابيع من المواجهات العنيفة التي نجحت بها القوات الموالية للرئيس المستقيل عبد ربه منصور هادي، مسنودةً بغارات تحالف العدوان، في تحقيق تقدّم ملحوظ، ولكن مؤقت، في أكثر من جبهة في المديرية الواقعة شرق العاصمة صنعاء. وكانت قوات هادي، بعد أكثر من ستين محاولة للتقدم وعشرات الغارات الجوية، قد اخترقت سلسلة جبال يام الاستراتيجية في نهم، وكذلك جبل حلبان والتلال المحيطة به، علماً بأن قوات الرئيس المستقيل أعلنت أواخر الشهر الماضي نقل «معركة العاصمة» أيضاً إلى مديرية أخرى هي ارحب.
ورغم الخسائر الكبيرة التي تكبّدتها قوات هادي، المسنودة بعناصر حزب «الإصلاح» («الإخوان المسلمون») في معركة نهم، فإنها تعمل الآن على استجماع قوتها وإعادة ترتيب صفوفها مجدداً، ولكن هذه المرة ليس عبر الدفع بمقاتلين من القوات التابعة لرئيس هيئة الأركان الموالي لهادي، اللواء محمد علي المقدشي، بل عبر المئات من العناصر السلفيين التابعين للشيخ السلفي يحيى الحجوري، الموجود الآن في السعودية.
يأتي ذلك بعد تصاعد أزمة الثقة بين تحالف العدوان و«الإصلاح» واللواء المقدشي أخيراً، وهو ما انعكس على سير المواجهات في جبهتي نهم وصرواح؛ فالسعودية منحت المقدشي، ومعه الجنرال علي محسن الأحمر («الإصلاح»)، مهلة أخيرة الشهر الماضي لحسم المعركة في نهم قبيل حلول الذكرى الثانية للعدوان، أي في 26 آذار الماضي، وقدمت في سبيل ذلك إسناداً جوياً ودعماً مالياً كبيراً.
تلك القوات التابعة لهادي وللأحمر، اعترفت ضمنياً بصعوبة التقدم في جبال يام والقتب وسلسلة جبال الحمراء والصافح الواقعة كلها في نهم، لكنها الآن تلقت تعزيزات جديدة لاستئناف القتال. وينقل مصدر محلي في المديرية أنه وصل «اللواء 181» مشاة بالإضافة إلى المئات من العناصر السلفيين الذين تلقوا تدريباتهم في محافظة مأرب بتمويل سعودي. ويلفت المصدر، في حديثه إلى «الأخبار»، إلى أن قوات هادي تحدثت خلال الأيام الماضية عن دخول أسلحة جديدة، منها مدفعية متطورة تستخدم لأول مرة، وذلك «في محاولة لاستهداف صنعاء»، إضافة إلى صواريخ ضد الدروع.
في المقابل، ورغم انحسار المواجهات والغارات الجوية في نهم، فإن الجيش اليمني و«اللجان الشعبية» لم يريحا قوات العدوان من القصف الصاروخي والمدفعي الذي يستمر في استهداف تجمعات القوات الموالية للعدوان في أكثر من موقع قرب نهم.

استولى «الإصلاح» على شحنة أسلحة سعودية كانت مقدمة إلى السلفيين

ومقابل اتجاه الرياض إلى استعمال السلفيين كبديل من «الإصلاح» في «معركة صنعاء»، عمد الحزب الإخواني إلى تحجيم دور الميليشيات السلفية حتى لا يتكرر سيناريو تعز (راجع العدد ٣١٤٤ في ٤ نيسان). في سبيل ذلك، استولى «الإصلاح» على شحنة سلاح قدمها التحالف الأسبوع الماضي إلى قرابة خمسة آلاف سلفي، وهو يشترط الآن تسليح الآلاف من عناصره للإفراج عن الأسلحة، كذلك تنقل مصادر أنه خزّن ما استولى عليه في مخازن سرية في محافظة مأرب «تحسّباً لأي مفاجآت من التحالف كقصفها».
على صعيد موازٍ، تتجدّد مساعي «التحالف» لإحداث اختراق في أوساط قبائل طوق صنعاء، التي وقفت سداً منيعاً ضد محاولات التقدم في أراضيها. وقد استدعت الرياض الشيخ القبلي حميد الأحمر المقيم في تركيا، لعقد لقاء موسع مع شيوخ القبائل الموالين للتحالف، في محاولة منها لتفعيل الورقة القبلية. لكن لقاء الأحمر بعدد من زعماء القبائل في فندق «موفمبيك» في العاصمة السعودية، السبت الماضي، الذي خرج بدعوة القبائل إلى مساندة «التحالف»، لم يلقَ صدى لدى أبناء قبائل طوق صنعاء. وتزامن اجتماع الرياض مع مزاعم روّج لها موالون للسعودية ادّعوا فيها انضمام عدد من زعماء تلك القبائل إلى «التحالف».
من جهة أخرى، تحاول السعودية زعزعة الاستقرار داخل مديريات محافظة صنعاء، القريبة من المدينة صنعاء، وذلك بالتنسيق مع موالين لها في مديرية بني الحارث، حيث ذكر مصدر أمني أن أجهزة الأمن تمكنت من إلقاء القبض على «عناصر إجرامية حاولوا تفجير الأوضاع الداخلية». وشرح ذلك المصدر أن هؤلاء «عمدوا إلى نهب أراضي الدولة في المنطقة، فقوبلوا بردّ من الأمن واللجان الشعبية... لكن طيران العدوان تدخل بقصف المنطقة بأكثر من 18 غارة جوية الخميس الماضي، متسبّباً في سقوط شهداء، بينهم أطفال ونساء».