يعقد مزارعو البقاع الآمال على براعم أشجار بساتينهم المثمرة التي ترسم لهم خريطة طريق لنجاح الموسم أو فشله. التفاؤل بموسم جيد تنغّصه كبوات الطقس الربيعي الممتد من منتصف آذار حتى نهاية نيسان. «ملّاحة» الفجر غالباً ما تفتك بالبراعم المتفتحة والثمار المنعقدة حديثاً، وتضيف عبئاً على كاهل المزارعين، يضاف إلى أعباء إقفال الحدود وعدم توافر أسواق لتصريف الانتاج وإغراق السوق بالمنتجات الزراعية المستوردة. فـ»ساعة صقيع واحدة كفيلة بالفتك بموسم بأكمله، وعندها يجب على المزارع الانتظار 12 شهراً للزراعة من جديد»، بحسب المزارع حسن زعيتر.
المزارعون، في غياب المراكز الإرشادية التابعة لوزارة الزراعة لمساعدتهم على مكافحة الصقيع، أو على الأقل لإنذارهم، غالباً ما يعتمدون وسائل بدائية أثبتت عقمها، كإحراق الإطارات المطاطية أو الحشائش في محيط البساتين لمقاومة تدني درجات الحرارة. ولكن، يُسجّل لمختار بلدة السفري خلف القاق وابن شقيقه ديب القاق نجاح تجربتهما الريادية في مواجهة الصقيع الصباحي ومنع أضراره. «التجميد لمنع الصقيع». هكذا، باختصار، يعرّف القاق بالطريقة التي اعتمدها منذ 4 سنوات وأعطت نتائج إيجابية بعدما استنفد كل الوسائل التقليدية ووصلت خسائره في موسم واحد فقط الى نحو 200 ألف دولار. لجأ الى الإنترنت، بحثاً عن وسائل تُعتمد في الدول الأوروبية لمكافحة الصقيع، «لكن معظمها، كاستخدام الغاز أو مراوح تدفئة، مكلف مالياً ولا يمكن للمزارعين تحمّل أعبائه في غياب الدولة».
الطريقة الأرخص كانت باستخدام «بخاخات موصولة الى جهاز إنذار وميزان حرارة يبث رسائل إلى هاتف المزارع بأن الحرارة تدنّت إلى ما دون درجة معينة. ومع وصول درجة الحرارة الى الصفر، تطلق البخاخات رذاذاً تتجمد قطراته على البراعم أو الثمار المنعقدة حديثاً لحمايتها في حال تدنت الحرارة الى ما دون الصفر».
ويوضح ديب القاق أن كل دونم يحتاج إلى 6 بخاخات مع تمديدات لأنابيب مياه لا تتعدى كلفتها 200 دولار، فضلاً عن جهاز استشعار الحرارة وبث الرسائل الذي يصل سعره الى ألف دولار أميركي، «وترتفع الكلفة بعض الشيء في حال اختيار تجهيزات التشغيل الأتوماتيكي للبخاخات»، فيما تكفي كمية إنشين من المياه لتغطية 20 دونماً، خصوصاً أن تشغيل البخاخات ليس بقصد الري، بل لمواجهة الصقيع عند تدنّي درجات الحرارة فقط.
اللافت أنه رغم نجاح التجربة، وتشجيع المهندسين الزراعيين على اعتمادها، إلا أنها لا تزال تقتصر على بلدة السفري ومزارع في بلدة الخضر. ويعزو أحد المهندسين ذلك إلى «خوف المزارعين من الفشل وعدم توافر المياه بالقرب من بعض البساتين، فضلاً عن غياب دعم الدولة لاستيراد مثل هذه الأجهزة».