باريس | أطلق فرنسوا فيون، مساء أول من أمس، اتهامات بالغة الخطورة ضد الرئيس فرنسوا هولاند، مطالباً بفتح تحقيق قضائي حول ما وصفه بـ"ممارسات مخالفة تماماً للقانون"، وقال إن نزيل الإليزيه يقوم من خلالها بملاحقة خصومه السياسيين والتجسّس عليهم وتسريب المعلومات المسيئة لهم إلى أجهزة القضاء ووسائل الاعلام.
فيون ذهب الى حدّ اتهام الرئيس الفرنسي بتشكيل "حكومة ظل" في كواليس قصر الإليزيه، قائلاً إن هذه الهيئة السرية "تلعب دور بوليس سياسي يلاحق خصوم هولاند ومنافسيه السياسيين، بمن فيهم رئيس حكومته السابق مانويل فالس، من خلال استغلال أجهزة الدولة لأغراض التجسّس والملاحقة السياسية، خارج أيّ أُطر قانونية". وطالب مرشح "الجمهوريين" بفتح تحقيق قضائي حول هذه الممارسات التي قال إن تفاصيل بالغة الخطورة قد كُشفت بخصوصها في كتاب أصدره، هذا الأسبوع، ثلاثة صحافيين، اثنان منهم يعملان في صحيفة "لوكانار أونشينيه"، وبالتالي فإنهما "ليسا من أصدقائي المقرّبين". وأضاف فيون الذي كان يتحدث في "البرنامج السياسي"، على تلفزيون "فرانس 2" : "إن ساعتين فقط كانتا كافيتين لفتح تحقيق قضائي بخصوص وظائف زوجتي، على إثر نشر مقالة في لوكانار أونشينيه. وأنا سأترك أيّاماً عدة للقضاء، بعد صدور هذا الكتاب، من أجل فتح تحقيق حول حكومة الظل هذه، التي تشتغل من داخل الإليزيه، بشكل مخالف تماماً للقانون".

فيون: شكل هولاند حكومة ظل تلعب
دور بوليس سياسي يلاحق خصومه

من جهة أخرى، قال فيون إنه يتّهم "رسمياً وبشكل مباشر" الرئيس هولاند بأنه هو الذي يقوم بتسريب الوثائق والمحاضر القضائية، التي تخصّ التحقيقات في الفضائح المالية التي تلاحقه، الى وسائل الاعلام. وأضاف: "إن التسريبات تصل الى وسائل الاعلام، في بعض الأحيان، بعد أقل من ساعتين على تحرير تلك المحاضر".
ولم يصدر عن رئيس الحكومة السابق، مانويل فالس، أي تعليق بخصوص اتهام فيون للرئيس هولاند بالتجسّس عليه، وتلميحه إلى أن الإليزيه هو الذي سرّب لوسائل الاعلام، في كانون الأول الماضي، وثائق مثيرة للريبة حول مصادر تمويل الأوركسترا التي تقودها زوجة فالس، الموسيقارة آن غرافوان، علماً بأن تلك التسريبات جاءت في توقيت مريب، في الفترة التي كان فيها فالس يضغط فيها على هولاند لدفعه الى التنحّي عن الترشح لولاية جديدة.
من جهته، قال الصحافي في "لوكانار أونشينيه" ديدييه هاسو، وهو أحد مؤلفي كتاب "مرحباً في ساحة بوفو" (مقر وزارة الداخلية الفرنسية)، الذي استند اليه فيون في اتهاماته، إن الكتاب رصد بالفعل قيام هولاند باستغلال المعلومات التي يتم تجميعها من قبل مصالح وزارة الداخلية ووزارة الاقتصاد، لضرب خصومه السياسيين، لكنه استدرك قائلاً: "نحن لم نتحدث عن حكومة ظل. هذا المصطلح فيون هو الوحيد الذي استعمله". وأضاف ساخراً: "لا شك في أن فيون أدرى بوجود أو عدم وجود حكومة ظل، وخاصة أنه التقى الأمين العام للإليزيه، في 24 حزيران 2014، للتنسيق معه من أجل تحريك حكومة الظل هذه ضد غريمه ساركوزي"! وكانت صحيفة "لوموند" قد كشفت بالفعل، في صيف 2014، أن فرنسوا فيون التقى سراً بالأمين العام لقصر الإليزيه، جان بيار جوييه، وطلب منه التدخل لتسريع الملاحقات القضائية ضد الرئيس السابق نيكولا ساركوزي، لتقويض حظوظه في الفوز بترشيح "الجمهوريين" للرئاسة. لكن فيون وجوييه نفيا، في حينه، حصول لقاء من هذا النوع.
الرئيس هولاند ردّ على اتهامات فيون، قائلاً إن "الإليزيه لم يتدخل أبداً في أيّ من الإجراءات القضائية الجارية منذ عام 2012، التزاماً بمبدأ استقلالية القضاء". وأضاف أنه لم يصل إلى أيّ معلومات بخصوص التحقيقات المتعلقة بفيون "سوى عن طريق ما نشر في وسائل الاعلام". وسخر هولاند من حديث فيون عن "حكومة ظل" متورطة في ما سمّاه "فضيحة دولة"، قائلاً: "لا توجد فضيحة دولة. الفضيحة الوحيدة الموجودة تتعلق بشخص (فيون)، ستتم محاسبته من قبل القضاء".
من جهة أخرى، نفى فيون، خلال مشاركته في "البرنامج السياسي" على "فرانس 2 "، أن يكون قد تقاضى 50 ألف دولار نظير ترتيبه لقاءً بين رجل الأعمال اللبناني فؤاد مخزومي والرئيس الروسي فلاديمير بوتين. أما بخصوص الفضيحة الأخرى المتعلقة بقبول فيون مجموعة من البدلات الفاخرة، بقيمة 13 ألف يورو، كهدية من رجل أعمال لبناني آخر، وهو روبير بورغي، فقد اعترف مرشح "الجمهوريين" بذلك، قائلاً إنها "هدية من دون أي مقابل أو خلفية سياسية، جاءت من صديق شخصي أعرفه منذ أكثر من عشرين سنة". لكنه استدرك قائلاً إن الجدل الذي أثير حول القضية "جعلني أقتنع بأن قبول هذه الهدية كان خطأً، لذا قمت بإعادتها الى بيار بروغي. مع أنني احتفظ له بكل محبتي وصداقتي".