قبل يومين فقط، نشرنا مقالة تعبّر عن حالة القلق التي يعيشها موظفو «الحياة» حول مستقبل جريدتهم، من جرّاء الاعصار المالي الذي ضربهم. تناولنا التدهور المعلن للمؤسسة، كنتيجة لانحسار اهتمام ناشرها السعودي الأمير خالد من سلطان بن عبد العزيز، بعدما بات خارج الدائرة الفاعلة في العائلة المالكة.
وتساءلنا: «هل تعيش «الحياة» حتى نهاية العام؟». لكن تسارع الأحداث للأسف قد لا يترك كل هذا الوقت للجريدة العريقة التي شكّلت ذات يوم، قبل سعودتها التدريجيّة، حالة خاصة في الصحافة العربيّة. فحسب الاجتماع الذي دعي إليه الموظفون في العاصمة البريطانيّة أمس، ربّما لن يعيش مكتب لندن حتّى شهر نيسان (إبريل) المقبل! وقد تبلّغ الصحافيون والعاملون في «كنسنغتون سنتر» الأوضاع المتدهورة لجريدتهم، خلال اجتماع عقده مدير التحرير رفلة خرياطي، في غياب رئيس التحرير زهير قصيباتي الذي كان قد قطع إقامته ليعود بشكل مفاجئ إلى بيروت.
لم يفعل خرياطي سوى النقل الحرفي لما أبلغه به «مديرو» المكتب اللندني لشركة «مكشف» التي تصدر عنها «الحياة». الشركة لم يصلها أي تحويل من السعوديّة، منذ ثلاثة أشهر، وقد تمت تغطية الأعباء (أجور موظفين، وطباعة، وتوزيع…)، من الاحتياطي الذي تمّ توفيره بعد تقشّف في المصاريف الأخرى. وهذا الشهر سيتم وقف الطباعة والتوزيع في لندن، ولن تدفع رواتب المراسلين والمستكتبين. وقال خرياطي بالحرف الواحد: «تم تأمين رواتب شهر آذار/ مارس للموظفين، لكنها غير مؤمنة للشهر المقبل». وكان مكتب «مكشف» قد أبلغ ادارته في الرياض، بأنه لم يعد قادراً على تغطية عمليات لندن الشهر المقبل، إذا بقيت الأمور على حالها.
ومن الواضح أن موظّفي «الحياة» في لندن باتوا عبئاً على خالد بن سلطان، لعدم توافر السيولة اللازمة لصرفهم. لذا أبلغ هؤلاء أمس بأنّهم «سيحصلون فقط على الحد الأدنى الذي تقره الأنظمة البريطانية» (على الأرجح ستلجأ «مكشف» إلى حجّة «الافلاس»). أما موظفو بيروت والرياض، فيعيشون القلق نفسه على مصيرهم وحقوقهم في ظل قوانين أقل حرصاً على حماية الموظفين. وقد تبلّغ رئيس تحرير «الحياة» الحالي زهير قصيباتي كل هذه التفاصيل، كالآخرين، عبر الهاتف في بيروت. ويرجّح أن التوجّه الجديد هو أن تكون دبي المقر الرئيس البديل بعد تصفية لندن. فمنذ أسابيع عدّة، يُجري مكتب دبي تجارب على إعداد النسخة الورقيّة، بعدما كانت مهمته تقتصر على اصدار الموقع الالكتروني.

(الأخبار)