أهل حوش الرافقة يتعرضون للخطف. تلوث نهر الليطاني يقطع الطريق على منازلهم وأشغالهم ويخطف أرواحهم واحداً بعد الآخر. حالياً، يخضع ٣٥ شخصاً من أبناء البلدة للعلاج الكيميائي بعد إصابتهم بأنواع مختلفة من السرطانات. يصارع هؤلاء حتى لا يلقوا المصير ذاته الذي سبقهم إليه أربعون شخصاً ماتوا في الأشهر الماضية.
«أغيثوا أطفالنا وعائلاتنا». «أنقذونا من الموت المحتم، نحن ضحايا الليطاني»، صرخات أطلقها أهالي حوش الرافقة وجاراتها في اعتصام نظموه عند جسر نهر الليطاني، أمس، وقطعوا لبعض الوقت الطريق التي تربط قرى غربي بعلبك بشرقيها، وطريق بعلبك ــــ رياق الدولية.
ليست المرة الأولى التي تنزل فيها البلدات إلى الشارع بعد اليأس من «المسؤولين المحسوبين علينا ووعودهم بمعالجة مشكلة مجرى النهر»، بحسب أحد المعتصمين. منذ سنوات والحال نفسها: «اعتصامات ووعود سرابية»، يقول عبد الحكيم يزبك مسؤول الهيئات الشبابية في حوش الرافقة. ويتابع: «هناك ضحايا أو مصابون في كل بيت بسرطان الرئة والمثانة»، لافتاً الى دراسة أنجزها فريق من الجامعة الأميركية تؤكد العلاقة بين التلوث وانتشار السرطان، موضحاً أن ما يساهم في زيادة نسب التلوث في المنطقة «المؤسسات والمصانع التي تخلف مواد كيميائية ومؤسسات تصنيع البلاستيك، وشركة ألبان لبنان وروث أبقار مزارعها».
في السابق، شكل نهر الليطاني مصدر رزق يروي آلاف الدونمات الزراعية في البلدة مع نهر الغسيل الذي ينبع من بلدة السفري. لكنه، منذ سنوات، تحول إلى نقمة على البلدات البقاعية التي يمر فيها. يؤكد عضو بلدية حوش الرافقة حسين يزبك أن «هيداك المرض منتشر بيننا أكثر من الرشح». وأشار الى أن شركة «ألبان لبنان ترفد مجرى الليطاني بآلاف الليترات من الصرف الصحي يومياً من مزارع تربية الأبقار، وهي لم تف بوعودها بإنشاء محطة تكرير صرف صحي للمزارع. ويبدو أنها تستفيد من نفوذها القوي ولا أحد يمكنه قمعها، حتى الدولة ومسؤولوها».
وحوش الرافقة من أولى البلدات التي سارعت بلديتها في شباط 2016 إلى منع المزارعين من ري مزروعاتهم بمياه الصرف الصحي في مجرى الليطاني، وطمرت الحفر التي كانوا يجمعون فيها المياه الآسنة لاستخدامها في الري، بعدما تلقت تأكيدات بقرب تنفيذ مشروع يموّله الصندوق الكويتي للتنمية بقيمة 90 مليون دولار لمد شبكة للصرف الصحي من العلاق حتى تمنين التحتا وإنشاء محطة تكرير. رئيس بلدية حوش الرافقة عادل يزبك قال إن «إطلاق المرحلة الأولى من المشروع كانت تنتظر إصدار مرسوم من مجلس الوزراء يحدد فيه شروط التعهد والتنفيذ. إلا أننا منذ أشهر، ولدى سؤالنا عن المشروع والتمويل، أتى الرد بأن التمويل استخدم في مكان آخر ومشروع آخر»! وشدد على أن الاعتصام «موجه إلى السياسيين واتحادات البلديات والوزارات المعنية. فنحن لا نريد وعوداً واستعراضات إعلامية بتنظيف الليطاني، بل إنقاذنا من تلوثه، وإلا ستكون هناك خطوات تصعيدية إذا ما تواصلت الوعود الكاذبة بالمعالجة بقطع طرقات أو حتى إزالة جسر الليطاني في البلدة».