كالعادة، تصدّرت أخبار المرأة السعودية واجهة الصحف والإعلام البديل. هذه المرة ليس لتنظيمها تظاهرة إلكترونية للمطالبة بقيادة السيارة، أو الدعوة إلى إنهاء التمييز ضدّها وإلغاء القوانين واللوائح التي تفرض «ولاية الرجل» التي تعتبر أهم عقبة أمام وصولها لحقوقها الأساسية، أو حتى الرد على كل ذلك بأغنية «جعل الرجاجيل للماحي».
في الأوساط السعودية، يتم تداول مقولة شهيرة مفادها أنّ الوصاية هي «على المجنون والقاصر والمرأة السعودية فقط»، وهو ما أظهرته صور فعالية اجتماع «مجلس فتيات القصيم» الأوّل، يوم السبت الماضي، التي اعتلى فيها سمو الأمير وحاشيته المكوّنة من 13 رجلاً مسرح الفعالية التي كان يفترض بها أن تكون نسوية بامتياز!
نجم ملتقى الفتيات الأوّل، أمير منطقة جيزان، فيصل بن مشعل بن سعود. تكلّم بإسهاب عن مكانة المرأة التي اقتصر تواجدها في غرفة مغلقة مجاورة ومربوطة بدائرة تلفزيونية مغلقة أيضاً. وضع سبق أن وصفته منظمة «هيومن رايتس ووتش» بالقول إنّ «المرأة السعودية كمن يعيش في صندوق»، بسبب دورها الخاضع لاعتبارات دينية واجتماعية تحظى بغطاء سياسي.
غياب المرأة عن المشهد في السعودية، جعلها تحتل المرتبة 141 من أصل 144 دولة في تقرير الفجوة الجندرية العالمية الذي يبيّن التمييز بين الذكور والإناث. فالنساء في المملكة قاصرات من الناحية القانونية، ولا يستطعن إتخاذ أي قرارات بأنفسهن. فهن لا يزلن محرومات من أدنى شروط المساواة، إذ أنّهن ممنوعات من قيادة السيارة أو من السفر دون موافقة ولي الأمر. وحتى العريضة التي وقتها آلاف النساء للمطالبة بإنهاء «ولاية الرجل»، اعتبرها مفتي السعودية عبد العزيز آل الشيخ «مخالف للشريعة».
في نهاية شهر تشرين الأوّل (أكتوبر) الماضي، خرجت أصوات 6000 إمرأة سعودية على صفحات صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية، تنقل ما يحدث داخل عالمهن المنغلق عن طريق الكتابة أو تصوير مقاطع الفيديو. معظم القصص ركز على الاستياء من نظام ولاية الرجل، وسيطرتها على مفاصل حياة المرأة في السعودية، تزامناً مع عرض الفيلم الوثائقي «النساء أولاً» الذي أخرجتُه منى النجار لصالح الصحيفة المذكورة. يتناول الشريط أوّل انتخابات سعودية سُمح فيها للنساء بالتصويت والترشّح. تنقل لنا النجار في أوّل مشهد كيفية ترويج مرشحة انتخابية لحملتها عن طريق تطبيق «سناب شات»، من دون نشر صورة لها، بسبب منع صور الجنسين في الانتخابات، بحجة المشاركة النسائية.
في الفيلم كما في الواقع، مرافقة النساء المحكومات بالوصاية في السعودية ليس بالأمر السهل، فكيف إذا كن مرشحات ممنوعات من قيادة السيارة، واستخدام صورهن الشخصية في حملاتهن الانتخابية، ومنعهن من لقاء الناخبين في بلد يجرم الاختلاط؟ وهذا جزء بسيط من قائمة طويلة في بلد يحاول بكل ما أمكن الحفاظ أمام المجتمع الدولي على السلطة الذكورية ولو بواجهة نسائية برّاقة.