كمكوك لا يهدأ، تحرّك «خطّاط» المشاريع الانتخابية وزير الخارجية جبران باسيل داخل الجلسة التشريعية التي عقدت أمس في مجلس النواب. من مقعد إلى مقعد، ومن وزير الى آخر، ومن نائب إلى نائب، ظل رئيس التيار الوطني الحرّ يلف ويدور حتى توجّه إليه نائب رئيس المجلس فريد مكاري بملاحظة «يا جبران ما هديت من أول ما فتت».
لولبيّته وحدها كانت كفيلة بأن تشتّت انتباه الجميع عمّا يحصل داخل الجلسة. بدا الرجل وكأنه غير معني إلا بالقانون الانتخابي. وما لا يتاح له مناقشته في الخارج، يحمله معه إلى الحكومة الحاضرة في قاعة الهيئة العامة بدلاً من السراي!
حراك باسيل الانتخابي توجّه بثلاث خلوات أهمها مع الوزير وائل أبو فاعور الذي أبلغه، بحسب معلومات «الأخبار»، رفض الحزب الاشتراكي آخر الصيغ المقترحة، مع «الاتفاق على الاستمرار في المباحثات»، فيما جمعته خلوة ثانية مع وزير المال علي حسن خليل، حضر فيها ملفا قانون الانتخاب والسلسلة، وتمّ الاتفاق على التنسيق المشترك وإبقاء الأبواب مفتوحة. أما الخلوة الثالثة فكانت مع أمين سرّ تكتل التغيير والإصلاح النائب إبراهيم كنعان. وهما بقيا في داخل قاعة الهيئة العامة بعد مغادرة الجميع، وتبادلا الأوراق التي دوّن عليها آخر المعطيات المتعلقة بنتيجة مشاورات السلسلة وقانون الانتخاب.

ثلاث خلوات انتخابية جمعت باسيل بخليل وكنعان وأبو فاعور

وهذا الأخير لم يغب عن الكلام من باب الأوراق الواردة. فسجّل النائب سامي الجميّل اعتراض كتلة حزب «الكتائب» على «عدم وجود قوانين انتخابية على جدول أعمال الجلسة». واتهم «مجلس النواب والحكومة بالتواطؤ لعدم إجراء انتخابات على أساس قانون جديد، خصوصاً أن الحكومة لم تدرجه على جدول أعمالها». كلامه استدعى رداً من الوزير غازي زعيتر بأن «القانون ليس موجوداً في أدراج المجلس، بل أدراج القوى السياسية»، ما دفع الجميّل إلى تقديم شبه اعتذار بالقول إنه «لا يحمّل المسؤولية لأي شخص بل هي مسؤولية جماعية، فيما رأى النائب بطرس حرب أن الجلسة «مهمّة وخطيرة لأننا اقتربنا من انتهاء مدّة دعوة الهيئات الناخبة»، ملمّحاً الى تأييده للتمديد بالقول: «إما أن يسقط البلد بانتهاء ولاية المجلس وإما اللجوء إلى أبغض الحلال وهو التمديد، لكن لا يُمكن الاستمرار على هذا المنوال». أما النائب جورج عدوان فأشار الى أن على الحكومة أن «ترسل مشروع قانون انتخاب إلى مجلس النواب كي يناقشه».
كشفت هذه الأجواء أن كل الحركة التي ظهرت في الأيام الماضية بشأن القانون العتيد بلا بركة، مع تأكيد الجميع أن لا أحد يريد التسليم بالأمر الواقع، وضرورة الاستمرار في المشاورات للوصول إلى نتيجة.
عدا ذلك، لم تحمل الجلسة الصباحية أي حدث لافت، باستثناء مبالغة النواب في نقاش عدد من مشاريع القوانين المدرجة على جدول الأعمال، والتي عادة ما كانت تمر بسهولة، ما خلق شعوراً بأن هناك محاولة للتهرب من الوصول إلى البندين المتعلقين بسلسلة الرتب والرواتب المدرجين في آخر الجدول. والبنود العشرة التي صدّق عليها المجلس صباحاً، هي في غالبيتها مشاريع قوانين تتعلق بإبرام اتفاقيات خاصة بإنشاء طرقات أو شبكات مياه وتطوير خدمات الصرف الصحي، فيما كانت لافتة محاولة رئيس الحكومة سعد الحريري ثني عدد من النواب عن النقاش وطرح الأسئلة، متوجهاً بالاشارة إلى كل من كان يهمّ لطلب الكلام «بالنظام» للتراجع، متمتماً «خلص. مش ضرورة. بلا تعليق»، واضعاً يده في إحدى المرات على عنقه وكأنه يقول «ضاق خلقنا»!