أنهى مؤتمر النائب في المجلس التشريعي الفلسطيني والمفصول من حركة «فتح»، محمد دحلان، الذي يقود ما يسمّيه «تياراً إصلاحياً» داخل الحركة بدعم إماراتي، أعمالَه في العاصمة الفرنسية باريس، بعدما بدأت السبت، واستمر ليومين.
المؤتمر الذي جاء تحت عنوان «الوفاء للشهداء والأسرى»، تم تعديل بيانه الختامي أكثر من مرة، ولم يحضر إليه سوى نصف المدعوين، حتى إن الصحف الفرنسية لم تعطِ أي مساحة لتغطيته. وكان عدد المدعوّين يقدّر بـ250 شخصاً، لكنّ متابعين وآخرين حضروا المؤتمر قدّروا الحاضرين بنحو 130 فقط.
في غضون ذلك، اتهمت مصادر فلسطينية ديبلوماسية، تحدثت إلى «الأخبار»، سفارة أبو ظبي بأنها «تكفلت بمصاريف المؤتمر التي ناهزت مليون يورو... وعُقد في أحد أبرز فنادق باريس، وهو الفندق نفسه الذي كان ضمن محطات مكوث منصور بن زايد (رئيس نادي مانشستر ستي الإنكليزي) عندما كان يزور باريس».
وأشارت هذه المصادر إلى أن «الحضور اقتصر على شبّان حديثي الوجود في أوروبا، ويبدو أنها زيارتهم الأولى لباريس، أما الشخصيات السياسية فرفضت القدوم أو اعتذرت في اللحظات الأخيرة»، علماً بأن عقد أحد مؤتمرات دحلان في بلد أوروبي هو الأول من نوعه، إذ كانت مصر هي المحطة الأبرز لسلسلة نشاطاته العام الماضي.

الوعود المصرية لا تزال قيد الدرس وفق الظروف الأمنية... والسياسية

وتنقل المصادر أنه خلال المؤتمر طرح دحلان مبادرة من ستة بنود للوصول إلى «وحدة وطنية شاملة مع كل الفلسطينيين، تبدأ ببناء نظام سياسي قائم على المشاركة والشفافية والمساءلة، وتنتهي بإعادة القضية الفلسطينية إلى عمقها العربي»، موضحاً بنود هذه المبادرة بالتفصيل في كلمته خلال الجلسة الافتتاحية.
وكان لافتاً تعليق دحلان، أول من أمس، على القمع الذي تعرضت له عائلة الشهيد باسل الأعرج والمحتجون المناصرون لها في رام الله، وسط الضفة المحتلة، على أيدي الأجهزة الأمنية، إذ قال في منشور على صفحته في «فايسبوك»، «لا نستغرب ممن قام بالتنسيق الأمني المقدس لاغتيال الشهيد باسل الأعرج أن يعتدي على والد الشهيد ورفاقه أمام المحكمة»، علماً بأن المتحدث نفسه كان يوصف بأنه أحد «أعمدة التنسيق الأمني» حينما كان رئيساً لجهاز «الأمن الوقائي».
واستمراراً لسياسة المؤتمرات، يعقد في غزة مؤتمر لمناصري دحلان تحت عنوان «مؤتمر المرأة الأول»،. ونقل موقع «العرب بوست» عن النائب نعيمة الشيخ علي، قولها إن المؤتمر تشارك فيه نساء من داخل «التيار الإصلاحي» وخارجه، وذلك بعدما تعذّر إجراء المؤتمر في مصر، بسبب «المشقة الكبيرة التي تصاحب عملية السفر».
في سياق متصل، تحدث مفوض العلاقات الوطنية والعامة للهيئة العليا لشؤون العشائر، ويدعى عاكف المصري، عن «وعود مصرية طرحت خلال مؤتمر العين السخنة الأخير باستقدام وفود طبية وسياسية وثقافية مصرية إلى غزة خلال الفترة المقبلة، من دون تحديد جدول زمني»، وذلك لاعتبارات مرتبطة بالظروف الأمنية في سيناء.
وأوضح المصري، في حديث إلى مراسل «الأخبار» في القاهرة، أن مصر وافقت مبدئياً على «إنشاء مستشفى ميداني في غزة وحل أزمة المعتمرين، العالقة في قطاع غزة منذ ثلاث سنوات». ولم تتضح بعد صحة الأنباء عن نية وفد أمني مصري المشاركة في الزيارة الموعودة لغزة، وذلك لتفحّص إمكانية إعادة فتح القنصلية المصرية في القطاع ومزاولة العمل فيها.
في هذا السياق، قال مساعد وزير الخارجية المصري، عبد الحميد أباظة، إن «المستشفيات الميدانية هي من تخصّص وزارة الدفاع وليس الصحة»، مضيفاً في حديث إلى «الأخبار»، أن «القوات المسلحة لديها رؤية قائمة على تقديم خدمات»، من دون أن يستبعد الإقدام على إنشاء مستشفى في غزة.
ولا يمكن فصل الوعود المصرية السابقة عن أخرى طُرحت خلال مؤتمري عين السخنة الأول والثاني المعقودين العام الماضي في مصر، وفي مقدمتها إنشاء منطقة تجارية حرة على جانب الحدود، وزيادة نسبة كميات الكهرباء الواردة إلى غزة من الجانب المصري، إضافة الى حلول أخرى تتعلق بمعبر رفح.
وكان وكيل المخابرات المصرية العامة، اللواء مظهر سماحة، قد قال في كلمة خلال مؤتمر الشباب والعشائر في العين السخنة، إن التسهيلات المصرية مع غزة «تجري ضمن سياسة تدريجية معينة»، واصفاً العلاقة بـ«الإيجابية»، لكن سماحة أكد أن القاهرة لا تزال تتعامل مع رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس على أنه الممثل الشرعي، وأنه «مرحّب به في أيّ وقت».
(الأخبار)