تنطلق اليوم في العاصمة الكازاخية أستانة، جولة جديدة من المحادثات التي ترعاها روسيا وتركيا وإيران، ضمن مساعي تثبيت وقف إطلاق النار على الأرض، دعماً لمسار جنيف السياسي. وبرغم إعلان الجانب المعارض نيته مقاطعة هذه الجولة، تشير المعطيات الأولية إلى أنَّ الاجتماع سيعقد وفق جدوله المفترض. وهو ما أكده وزير خارجية كازاخستان خيرت عبد الرحمنوف، الذي قال إن الدول الراعية للاجتماع، وهي روسيا وتركيا وإيران، ماضية في جهودها لعقد جولة جديدة من المحادثات، مضيفاً أن بلاده «في انتظار تأكيد الأطراف الأخرى حضورها للاجتماع».
وضمن هذا السياق، أشار التلفزيون الرسمي السوري إلى وصول الوفد الحكومي إلى أستانة أمس، برئاسة مندوب سوريا لدى الأمم المتحدة بشار الجعفري. أما على الجانب المعارض، فقد جدد المتحدث باسم وفد المعارضة المسلحة إلى أستانة، أسامة أبو زيد، تأكيده أنَّ الفصائل المعارضة قررت عدم المشاركة في جولة محادثات أستانة الحالية، التي دعت إليها كازاخستان في الرابع والخامس عشر من الشهر الجاري. وكشف في حديث لوكالة «فرانس برس» أن سبب مقاطعة الجولة يعود إلى «عدم تنفيذ أي من التعهدات الخاصة بوقف إطلاق النار».

موسكو: وجود قوات
عسكرية من دون موافقة دمشق أمر «غير شرعي»


وبدوره، قال قائد «لواء السلطان مراد» المقرب من تركيا، أحمد عثمان، إنه «اتُّخذ القرار بعدم المشاركة في أستانة... وأبلغنا قرارنا إلى كافة الأطراف» الراعية للمحادثات. ونقلت وكالة «رويترز» عن عثمان قوله إنَّ المعارضة تنتظر ردّ روسيا على رسالة تطالبها بأن تؤدي دور الضامن وتوقف انتهاكات وقف إطلاق النار، مضيفاً أنَّ «موسكو لم تفِ بالتزاماتها».
ويعيد إعلان المعارضة رفضها الحضور إلى ما شهدته الجولة الماضية من المحادثات، إذ تأخر الوفد المعارض في الحضور، وسط أنباء عن غيابه وعن إرسال وفد مصغّر. غير أنَّ المعطيات تؤكد أنَّ قرار الحضور من عدمه هو بيد الطرف التركي الضامن للمعارضة، الذي فرض رأيه على وفد الفصائل المسلحة في عدد من المواقف مسبقاً.
ولا يمكن قراءة موقف الوفد المعارض بعيداً عن المفاوضات التي تخوضها أنقرة وموسكو حول الوضع في مدينة منبج، ولا سيما مع إعلان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، أمس، أنَّ الجيش التركي سيطر على بعض القرى في محيط مدينة منبج ، في إطار عملية «درع الفرات»، وتأكيده في خلال حوار مع قناة «أي ــ خبر» التركية، أن «العملية لا تزال مستمرة حتى تطهير المدينة من عناصر (ب ي د ــ حزب الاتحاد الديموقراطي)».
وبالتوازي مع إرسال الجيش التركي تعزيزات عسكرية جديدة لدعم وحداته المنتشرة على الحدود مع سوريا في مدينة كليس، بحث وزيرا الخارجية الروسي والتركي سيرغي لافروف، ومولود تشاويش أوغلو، في خلال اتصال هاتفي، الاستعدادات لحضور اجتماع أستانة وسير تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار، وفق ما أفادت وزارة الخارجية الروسية.
إلى ذلك، أعلن المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية جيف دايفيس أن نشر الولايات المتحدة لأقل من 100 جندي في «مهمة طمأنة وردع» في مدينة منبج، نجح «نسبياً» في منع خطر الاقتتال بين "قوات سوريا الديموقراطية" المتحالفة مع القوات المدعومة من الولايات المتحدة من جهة، و"الجيش السوري الحر" المدعوم من تركيا من جهة أخرى.
وفي تصريحات لافتة، أشار الوزير المفوض في السفارة الروسية في دمشق، إيلبروس كاتراشوف، في خلال حوار مع قناة «الإخبارية» السورية، إلى أنَّ الوضع في سوريا لا يزال موضع خلاف بين بلاده وتركيا، مؤكداً في الوقت نفسه أنَّ دول الخليج وتركيا باتت تدرك كما الإدارة الأميركية أنَّ الحل في سوريا يكون فقط بالوسائل السياسية. ورأى أنه لا يوجد بديل للدور الأممي في مسار حل الأزمة، مشدداً على دعم بلاده لجهود المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا، وعلى أنَّ اجتماع أستانة لا يشكل بديلاً لمحادثات جنيف، بل مكملاً لها.
وحول الوضع على الأرض، رأى أنَّ وجود أي قوات على الأراضي السورية من دون موافقة الحكومة هو وجود «غير شرعي»، مشيراً إلى أن بلاده تحترم الدور الإيراني وتقاتل جنباً إلى جنب معها، ومؤكداً عدم وجود خلافات بين البلدين. ولفت إلى أن الأولوية في الميدان الآن هي لتحرير مدينة الرقة من الإرهابيين، معرباً عن أمله في وصول الجيش السوري إلى المدينة وتحريرها.
وبالتوازي مع جولة المحادثات، شدد الرئيس بشار الأسد في تصريحات لعدد من وسائل الإعلام الأوروبية، على أن «الأولوية بالنسبة إلى الشعب السوري الآن هي محاربة الإرهاب»، معتبراً أنه «من قبيل الترف، التحدث الآن عن السياسة، بينما يُمكن أن تُقتل في أي وقت بسبب الهجمات الإرهابية». ولفت إلى أن «الهجمات الإرهابية كتلك التي وقعت في دمشق، تحدث يومياً، إن لم يكن في كل ساعة في بعض الحالات»، مضيفاً أنَّ السؤال الأهم «الذي أود أن أطرحه على المسؤولين الأوروبيين» هو «من يدعم الإرهابيين؟». وأكد أنَّ السياسة الروسية تجاه سوريا وطبيعة العلاقة معها «تستند إلى أمرين: الأول هو سيادة سوريا، وهذا جزء من ميثاق الأمم المتحدة، والأمر الثاني هو أنها تستند إلى الأخلاق».
وحول ملف اللاجئين خارج البلاد، شدد على أن العديد منهم «لم يغادر بسبب الهجمات الإرهابية أو بسبب الدمار... بل بسبب الحصار، وبالتالي إنَّ الحصار الغربي والأوروبي يؤدي دوراً مكملاً في الواقع للدمار والقتل».
(الأخبار)