وحده لبنان، في العالم، يحتاج إلى أربع سنوات لتعيين قائد جديد للجيش، بعد انتهاء ولاية شاغل المنصب العسكري الأرفع في البلاد. ووحده، ربما، يُحتفل فيه بتعيين قائد للجيش، في الشوارع، وبلافتات، وبأبواق سيارات، وبصور يرفعها بعض من اعتادوا التهليل لكل من تُرفع فوق أكتافه ثلاثة نجوم وسيف وعصا.
وربما هو البلد الوحيد في العالم الذي تنقل شاشات التلفزة أجواء منزل عائلته، مباشرة على الهواء. ربما، أيضاً، على القائد الجديد، العماد جوزف عون، التنبّه إلى مظاهر كهذه بدأت بها مسيرة بعض من سبقه، فانتهت على غير ما يُرام.
المشكلة ليست في الاحتفالات المبالغ بها وحسب، بل تتعداها إلى أصل التعيينات. وليس المراد هنا الانتقاص من أحد ممن عُيِّنوا أمس في مجلس الوزراء. الأزمة في المعيِّنين، لا في المعيَّنين. وتحديداً، في الآلية المتبعة للتعيين، التي لم تتغيّر، منذ اتفاق الطائف حتى اليوم. ومن ينبغي أن يُوَجّه إليه السؤال اليوم، هو رئيس الجمهورية العماد ميشال عون. فالآخرون اعتادوا حمل السكاكين لتقطيع الجبنة. لا يجيدون غيرها طريقة للتعيين، والترفيع، والإبعاد، وتنفيذ المشاريع، وتوزيع الزفت، وإدارة الدولة وماليتها. السؤال هنا واجب للرئيس الآتي من خارج هذه التركيبة، والذي يُنتظر منه تغيير الأداء، لا مجرّد اختيار الأفضل والأكفأ، ضمن الحصّة التي يُراد له ألا يتجاوز حدودها، لتبقى «حصص الآخرين»، على ما هي عليه منذ اتفاق الطائف (أو على الأقل، منذ انسحاب الجيش السوري من لبنان). والكارثة هنا في أصل المحاصصة. صحيح أنَّ على السلطة التنفيذية أن تعيّن رؤساء «أذرعها». وأنَّ مراعاة التوزيع الطائفي منصوص عليها في الدستور. لكن الكارثة التي نغرق فيها بلا أن نصل إلى قاع، متصلة بالتعامل مع البلاد كما لو أننا، بقوة القانون والدستور، في نظام فيدرالي ــ طائفي، فلا «يتدخّل» أي مسؤول، من خارج طائفة ما، في أسماء ومواصفات الموظفين المنوي تعيينهم في مراكز باتت حكراً على هذه الطائفة.

المعيار في تعيين
عثمان كان واحداً لا ثاني له:
قربه من الرئيس الحريري


والمفارقة هنا أنَّ التعيينات ليست ملحّة. فمن انتظر أربع سنوات، يمكنه أن يمدّد هذا الانتظار إلى ما بعد الانتخابات النيابية. أليست الحكومة الحالية انتقالية، لا حكومة العهد الأولى؟ وهل تغيّرت توازنات مجلس الوزراء المبنية على مجلس نواب مدّد لنفسه قبل أربع سنوات، وتجاوز الوكالة الممنوحة له من الشعب؟ أليست الحكومة وليدة لقانون الستين السيئ الذكر؟ ألم يكن الأجدى الانتظار حتى ما بعد الانتخابات المقبلة، واعتماد آلية مختلفة للتعيينات؟ والآلية لا تعني إجراءً شكلياً، يسمح لقادة الطوائف بأن يختاروا رجالهم، لكن بطريقة «أكثر ترتيباً» مما عليه الآن.
لا يُشبه ميشال عون الآخرين. ولذلك، يختلف المطلوب منه، جذرياً، عن المطلوب منهم. ولا ضير في التكرار: انتخابه رئيساً للجمهورية ليس تعبيراً عن موازين قوى جديدة في لبنان والإقليم. ولا هو عنوان انتصار فريق على آخر. لا. هي فرصة ذهبية للبنان، عنوانها الإصلاح والتغيير. وإلّا، فستكون فرصة مهدورة. وليست الدعوة هنا إلى مغامرات انقلابية، ولا إلى تجاهل تركيبة البلاد وعلاقات كتلها السياسية والطائفية في ما بينها ومع مراكز القوة الإقليمية والعالمية. لكن ثمة نهج لا يقدر أحد، غير ميشال عون، على كسره. ما المانع، مثلاً، الذي يحول دون إجراء مداورة في طوائف موظفي الفئة الأولى؟ لماذا علينا أن نرضى بتعيين مدير عام من دون أن يكون احد، أي أحد، قد اطّلع على سيرته الذاتية؟ حدث ذلك قبل أسابيع، عندما عُيِّن مدير عام للصيانة والاستثمار في وزارة الاتصالات، في غضون دقائق. وبعد موافقة الوزراء على تسليم الإدارة «الأكثر ثراءً» في الدولة إلى شخص يجهلونه، وزّع الأمين العام لمجلس الوزراء السيرة الذاتية للمرشّح عليهم. سيقول فريق رئيس الجمهورية إن أي تعيين ما كان ليمرّ لولا موافقة عون على الاسم. هذا صحيح شكلاً. أما عملياً، فالطريقة لا تزال هي هي. يأتي زعيم الطائفة باسمٍ وحيد ويقول هذا هو مرشحي الوحيد، وستوافقون. لا أحد يجادل في كون العميد أسعد الطفيلي من أبعد ضباط الأمن الداخلي عن الفساد. أو على الأقل، هذا هو المعروف عنه. لكن، ألا تستدعي أهمية منصب رئيس المجلس الأعلى للجمارك (وخطورته)، أسلوباً مختلفاً للترشيح والتعيين؟ حسناً. المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان. من يجزم بأنه أفضل من المرشّح الآخر العميد أحمد الحجار؟ من منهما أكثر التزاماً بالقانون من الآخر؟ من هو الأبعد بينهما عن القوى السياسية؟ المعيار في هذا التعيين كان واحداً لا ثاني له: قرب عثمان من الرئيس سعد الحريري.
هل علينا الركون إلى «واقع» أن «هذا هو البلد»؟، وأن قدر أهل هذه البلاد أن تبقى كما هي، بؤرة من فيدراليات الطوائف، التي يختار كل منها ممثليه إلى المجالس الملية؟ عدم تطبيق ما ورد في اتفاق الطائف، وغياب نية تطوير اختيار الموظفين، والإصرار على الاستمرار في اختراع قوانين انتخابية أسوأ من التي سبقتها (بالمناسبة، يجري التحضير لقانون ــ هو أقرب ما يكون إلى الجريمة ــ يثبّت فيدرالية الطوائف عبر الدمج بين «الأرثوذكسي» والستين!)، والتعامل مع النظام المصرفي كما لو أنه قدر محتوم، واعتبار الإدارة العامة مزراباً للهدر، كلها توجهات تدفع بالبلاد من سيئ إلى أسوأ. مجدداً، نحن أمام فرصة قد لا تتكرّر، هي عهد الجنرال ميشال عون. إما يقلب الطاولة، وإما يتحوّل لبنان من بلد يصعب العيش فيه، إلى مكان يستحيل على غير العاجز عن إيجاد بديل احتمال الصمود وسط كوارثه. آلية تعيينات يوم أمس لا تبشّر بالخير.




القاضي جورج عطية


وُلد القاضي جورج عطية في فرنسا عام 1976. تخرج في الجامعة اللبنانية - كلية الحقوق والعلوم السياسية والإدارية الفرع الثاني ليدخل إلى معهد الدروس القضائية ويتخرج في عام ٢٠٠٠. تدرّج بين عدد من المناصب القضائية. ويشغل منذ عام ٢٠٠٩ منصب قاضٍ منفرد في بيروت رئيساً لدائرة التنفيذ ومحكمة جزاء المخالفات والسير ومحكمة تنفيذ عقود رهن الآليات. قبلها عمل قاضياً أصيلاً، مستشاراً لدى محكمة الدرجة الأولى في بيروت ــ الغرفة الناظرة في القضايا المالية، الإدارية، الجمركية والأحوال الشخصية. كذلك عمل قاضياً متدرجاً في دائرة التنفيذ في بيروت ــ المحكمة العقارية وجنايات الأحداث في جبل لبنان - محكمة الاستئناف التجارية في بيروت - هيئة التشريع والاستشارات في وزارة العدل ــ النيابة العامة الاستئنافية. وهو يعمل منذ عام ٢٠٠٧ أستاذاً محاضراً في القانون في جامعتي الحكمة والقديس يوسف - قسم الإجازة والدراسات العليا، ومدرباً في مواد القانون في المعهد المالي التابع لوزارة المال.






العماد جوزف عون


ولد العماد جوزف عون عام 1964، في سن الفيل. تطوّع ابن الجنوب في الجيش بصفة تلميذ ضابط في المدرسة الحربية في عام 1983. حائز إجازة في العلوم السياسية واختصاص شؤون دولية وإجازة جامعية في العلوم العسكرية. تنقل بين مختلف القطعات العسكرية، كان آخرها قيادة اللواء التاسع منذ عام 2015. خضع لعدد من الدورات في الخارج، أبرزها دورة مشاة في الولايات المتحدة الأميركية، ودورة صاعقة وقائد كتيبة في سوريا.






اللواء سعد الله الحمد


عُيّن اللواء الركن سعد الله محيي الدين الحمد أميناً عاماً للمجلس الأعلى للدفاع، ورُقِّي إلى رتبة لواء ركن. ابن بلدة أكروم العكارية، تطوع في الجيش بصفة تلميذ ضابط بتاريخ 19/5/1983، وتخرج في الكلية الحربية برتبة ملازم بتاريخ 6/5/1985، وتدرج في الترقية حتى رتبة لواء ركن اعتباراً من 8/3/2017. حائز إجازة جامعية في العلوم العسكرية، ويتقن اللغتين الفرنسية والإنكليزية. وتابع دورات دراسية عدة في الداخل، وفي فرنسا وباكستان وسوريا. تولى وظائف قيادية مختلفة منها: آمر سرية مدفعية، قائد كتيبة مدفعية، رئيس أركان لواء، رئيس قسم إدارة ورعاية شؤون العسكريين في منطقة الشمال، المساعد الثاني لمدير المخابرات.





اللواء عماد عثمان


ولد اللواء عماد عثمان عام 1965، في بلدة الزعرورية ــ الشوف. دخل المدرسة الحربية عام 1984، وتخرج فيها برتبة ملازم بتاريخ عام 1986. تدرّج في الرتب إلى أن رُقِّي إلى رتبة لواء أمس وعُيِّن مديراً عاماً لقوى الأمن الداخلي. عام ١٩٩٣، التحق بسرية حرس رئاسة الحكومة آمراً لفصيلة مواكبة دولة رئيس مجلس الوزراء. وتولى في عام ٢٠٠٤ منصب مساعد رئيس قسم الأبحاث والدروس في معهد قوى الأمن الداخلي. وفي عام ٢٠٠٥، تولى منصب مدير مكتب وزير الداخلية والبلديات. وفي عام ٢٠٠٨، تولى منصب رئيس فرع معلومات بيروت. بعدها بعام، تولى منصب قائد سرية حرس رئاسة الحكومة في عهد الرئيس سعد رفيق الحريري. وفي عام ٢٠١٢، تولى منصب رئيس قسم المباحث الجنائية الخاصة في وحدة الشرطة القضائية. وفي العام نفسه، تولى منصب رئيس فرع المعلومات.






المدير العام للجمارك


بدري فؤاد ضاهر من مواليد رشميا 1972. حائز إجازة في الحقوق من الجامعة اللبنانية. بدأ عمله في دائرة الشؤون الإدارية في المديرية العامة للجمارك اللبنانية عام 1994، بصفة مراقب مساعد متمرن، وعمل مراقباً في دائرة المسافرين والسوق الحرة في مطار بيروت الدولي، ثم مراقباً في دائرة المانيفست والمخازن الجمركية في مرفأ بيروت، وتدرج في المسؤوليات، وعمل أمين سر في المديرية العامة للجمارك بين عامي 2004 و2010، ثم عين مراقباً أول لدائرة المانيفست والمخازن الجمركية والمنطقة الحرة العمومية، ثم المراقب الأول لدائرة المستودعات الجمركية والخاصة في المنطقة الحرة.
ضبط عدداً من عمليات تهريب المخدرات والممنوعات في دائرة المسافرين في المطار، ومُنح تنويهاً على إثر تحقيقه في إحدى قضايا المخدرات وضبط كمية كبيرة من مادة الكوكايين وتوقيف رئيس العصابة في باحة المطار الخارجية، فضلاً عن ضبط سرقة واختلاس لأموال أجور الأعمال الإضافية والـTVA بمليارات الليرات، أي ما يعادل مئة مليون شهرياً.




اللواء طوني صليبا


ابن بلدة بتغرين المتنية، دخل السلك العسكري عام ١٩٨٣. تابع طوني صليبا عدداً من الدورات الأمنية والعسكرية في استثمار المعلومات وتقنيات التحقيق الجنائي وإدارة الأزمات والتفاوض والسياسة ومكافحة الإرهاب الدولي. تنقل صليبا بين عدد من المراكز في قوى الأمن الداخلي وأمن الدولة. في قوى الأمن خدم في مفرزة الطوارئ في جونية وطوارئ بعبدا. وتنقل من سير جونية إلى معهد قوى الأمن الداخلي وغرفة العمليات البحرية المشتركة. فُصل صليبا إلى المديرية العامة لأمن الدولة اعتباراً من 21/10/1992، وهناك تنقل بين عدد من المراكز، بدءاً من قسم المكافحة ورئيس قسم التحقيق، إلى رئيس مكتب بعبدا ومساعد المدير الإقليمي لمديرية جبل لبنان الإقليمية. كذلك عمل في شعبة الخدمة والمعلومات رئيساً لقسم أمن الدولة الداخلي. وخدم في منصب المدير الإقليمي لمديرية البقاع الإقليمية وديوان المدير العام ورئيس شعبة التخطيط والتنظيم ومسيّر أعمال شعبة شؤون العديد.