أفرج المكتب العمالي لحركة أمل عن الاسم الذي اختاره لخلافة غسان غصن في رئاسة الاتحاد العمالي العام، وهو رئيس نقابة عمّال المرفأ بشارة الأسمر. ما قيل عن وجود «توافق» بين القوى السياسية على الأسمر ليس دقيقاً، إذ إن موقع رئيس الاتحاد العمالي العام لم يكن مطروحاً للتفاوض عليه من قبل الجهة المسيطرة على معظم أصوات المنتسبين إلى المجلس التنفيذي للاتحاد، أي حركة أمل. يستدلّ بعض النقابيين على هذا الأمر بالإشارة إلى أن بعض الأحزاب لم تكن راضية عن الاختيار، إلا أنها رضخت سريعاً وبلا نقاش لخيار المكتب العمالي في حركة أمل.
أما التوافق الذي يحكى عنه، فهو يتعلق بعملية توسيع المشاركة في هيئة مكتب الاتحاد العمالي لجهة إعادة بعض النقابيين الذين خرجوا من الاتحاد خلال السنوات الماضية احتجاجاً على "سيطرة" بعض الأحزاب.
هذا التوافق هو الذي دفع تيار المستقبل والنقابات المحسوبة على التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية وأطراف مسيحية أخرى إلى تزخيم النقاش مع المكتب العمالي لحركة أمل، أملاً بالحصول على حصّة من كعكة قيادة الاتحاد. ولهذا السبب أيضاً، اختارت أمل بشارة الأسمر تحديداً، فهو يمثّل اتحاداً لصيقاً بالنقابات المحسوبة على «أمل»، وهو لا يستفز الأحزاب المسيحية، وهو أيضاً يمتلك حدّاً أدنى من التمثيل النقابي في نقابة المرفأ المنضوية من اتحاد المصالح المستقلّة.
جاء ترشيح الأسمر قبل أكثر من 10 أيام على موعد الانتخابات المقرّرة في 15 آذار، ما ترك هامشاً زمنياً، ولو محدوداً، للنقاش بين المكاتب العمالية للأحزاب حول الحصص والتوزيعات وفق قواعد طائفية وقطاعية وجغرافية.

تسبق الانتخابات
إعادة تشكيل مجلس إدارة الضمان الاجتماعي

بحسب بعض النقابيين، فإنه لم يتم الاتفاق على كل الأسماء حتى الآن، إلا أنه بات شبه محسوم اختيار الأسماء التالية عن الحصّة المسيحية: بشارة الأسمر، أنطون أنطون (مردة)، شربل صالح، بطرس سعادة (قومي)، أديب برادعي (اختارته حركة أمل نظراً إلى كونه من مدينة صور). ولا يزال النقاش دائراً حول حصّة المسيحيين وفق المناصفة، أي 6 أعضاء من أصل 12 عضواً، وهو ما يحتّم على المعنيين اختيار اسم إضافي يتردد أنه من بين ثلاثة أسماء: جورج علم، مارون الخولي وموسى فغالي.
وسيعود الحزب الاشتراكي من خلال ممثل اتحاد نقابات موظفي المصارف أكرم عرابي، فيما ستعود حصّة تيار المستقبل من خلال عبد اللطيف ترياقي وشعبان بدرة (الشمال)، فيما سيبقى سعد الدين حميدي صقر، وحصّة حزب الله ستكون مقعداً واحد، ويرجح أنه لن يعمد الى تغيير ممثله الحالي علي ياسين، أما حركة أمل، فقد رشحت حسن فقيه ليبقى نائباً للرئيس، ولم تحسم أمرها بشأن عضو المجلس علي الموسوي (وهو رئيس دائرة في مجلس النواب).
إذاً، بقيت الأحزاب نفسها مسيطرة على الاتحاد العمالي العام. ولو أنها، هذه المرّة، تحاول إحكام قبضتها تحت عنوان "استعادة دور الحركة النقابية وتنشيط دور الاتحاد في الحياة الاقتصادية"... لكن ذلك كلّه لا يعدو تمويهاً لحقيقة أن من يقبض على الاتحاد العمالي هم أنفسهم القابضون على السلطة.
الاتفاق على هيئة مكتب الاتحاد العمالي العام، بحسب المطلعين، مجرّد «بروفة» أو مقدّمة، للاتفاق على سلّة أخرى من المغانم؛ أبرزها إعادة تشكيل مجلس إدارة الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي. فمن المعروف أن مجلس الضمان انتهت مدّة ولايته منذ أكثر من 10 سنوات، وهو يستمر في الانعقاد تحت راية «تسيير المرفق العام». وقد حاول أكثر من وزير للعمل أن يعيد تشكيل مجلس الإدارة، إلا أن المحاولات كانت تتراجع بحجة الانقسام السياسي. أما اليوم، فمع عودة «الوئام» بين قوى السلطة، هناك نيّة لتقسيم مجلس الضمان وفق الآلية نفسها، أي الآلية الحزبية الطائفية، وهذا الأمر لا يعني فقط الاتحاد العمالي العام الذي يسمّي مندوبي العمّال لمجلس الضمان على أساس أنه الهيئة الأكثر تمثيلاً لهم! بل هو يشمل الهيئات الاقتصادية، أي هيئات أصحاب العمل الذين يسعون، بالتعاون مع وزير العمل محمد كبارة، إلى تعديل مرسوم الهيئات الأكثر تمثيلاً. فبحسب المرسوم الحالي، إن ممثلي أصحاب العمل في مجلس الضمان محدّدون عددياً لكل جمعية، سواء لغرفة بيروت أو جمعية الصناعيين أو الحرفيين أو المصارف أو غيرهم، لكن التعديلات المطلوبة تهدف الى إلغاء هذا التخصيص ليحل محله اتفاق أصحاب العمل على ممثلين من جمعيات مختارة بهدف «تعزيز حضور أصحاب العمل في مجلس الضمان»، على ما يقول أحد المطلعين.