بعد الافتتاحية «الاحتفالية» بعودة المحادثات السورية إلى قاعات الأمم المتحدة، التي انفردت بمجريات اليوم الأول من جولة جنيف الجارية، شهد أمس الخطوة الفعلية الأولى ضمن برنامج المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا، عبر اجتماع الأخير بشكل منفصل مع الوفدين الحكومي والمعارض، وتسليمه إياهما، أوراقاً تتضمن إطار المحادثات المقترح.
وتعكس خطوات دي ميستورا الحذرة، وإعطاؤه الوقت اللازم للوفود للتشاور والموافقة على الخطوة المقبلة، الشرخ الحاصل في المسار السياسي منذ انهيار جولة المحادثات الماضية. كذلك تراعي واقع الميدان السوري الذي يتابع اشتعاله تحت سقف «هدنة» أستانة، والخلافات القديمة المتجددة بين وفود المعارضة السورية، التي تعترض سبيل الخروج بوفد موحّد يجلس على طاولة التفاوض المباشرة.
ولا يخفي دي ميستورا نيته الوصول إلى عقد مباحثات مباشرة بين الوفدين السوريين، وهو ما يلى نظرياً، استعداد كلا الطرفين، وفق ما أوضحه مدير مكتب المبعوث الأممي، مايكل كونتت، الذي قال إن كافة الأطراف السورية «أبدت استعدادها للجلوس وجهاً لوجه، إلى طاولة واحدة لإجراء النقاشات».

رأى وفد «الهيئة» أنَّ مقترحات دي ميستورا «أكثر حماسة» نحو الانتقال السياسي

وأوضح كونتت في مؤتمر صحافي عقده بعد انتهاء أعمال اليوم الثاني من المحادثات، أن المشاركين في هذه اللقاءات «بحثوا مسائل دفع العملية التفاوضية قدماً خلال الأيام المقبلة»، مشيراً إلى أن دي ميستورا «لا يتوقع تحقيق اختراق سريع في المحادثات»، وهو سيواصل إجراء محادثات تشاورية، سيلتقي في خلالها ممثلين عن منصتي موسكو والقاهرة».
وفي مؤتمر صحافي مقتضب عقب اجتماعه مع المبعوث الأممي، قال رئيس الوفد الحكومي بشار الجعفري، إنّ المحادثات تطرقت إلى «شكل الاجتماعات المقبلة»، مضيفاً: «تسلمنا ورقة من دي ميستورا واتفقنا على دراستها، على أن نعود إليه في الجلسة المقبلة بموقفنا من محتوياتها». وحول تفاصيل اللقاء المقبل وموعده، لفت إلى أنه سيُتفَق عليها «عبر القنوات الدبلوماسية مع مكتب دي ميستورا نفسه». وفي المقابل، عقد الجانب المعارضة لقاءً داخلياً «استشارياً» في مقر إقامة الوفد، قبيل لقاءه المبعوث الأممي. وقال العضو في الوفد المعارض، أسعد حنا، لوكالة «فرانس برس» قبيل اللقاء، إنه سيجري في خلاله «وضع خطوات ترتيبية للاجتماعات المباشرة والمفاوضات مع وفد النظام». وأضاف: «نحن هنا لمناقشة الانتقال السياسي وفقاً لقرار الأمم المتحدة 2254»، مشيراً إلى أنّ «النظام سبق أن أعلن أنه لن يناقش الانتقال السياسي، وهذا انتهاك لقرارات الامم المتحدة». وأضاف أن الوفد المعارض طالب «بدخول مفاوضات مباشرة مع النظام».
وفي مؤتمر صحافي عقب لقاء دي ميستورا، قال رئيس الوفد المعارض نصر الحريري، إن الكلام الذي سمعه الوفد من المبعوث الأممي «إيجابي»، ويتضمن مقترحات وأفكاراً «أكثر حماسة» نحو الخوض بجدية في عملية الانتقال السياسي. وأضاف أنه «جرى التركيز على القضايا الإنسانية وتأكيد ضرورة التزام وقف إطلاق النار، ووقف الخروقات التي يرتكبها النظام وحلفاؤه»، مشيراً إلى أنه «لا يوجد حتى اللحظة خطوات محددة حول المفاوضات، بل هي نقاشات وإجراءات لخطوات وترتيبات مجريات الأيام المقبلة». وعن أولوية مكافحة الإرهاب بالنسبة إلى الدول، قال الحريري: «لم أرَ أنَّ المجتمع الدولي اتفق على مكافحة الإرهاب، ونحن من وضع أولوية قتال الإرهاب».
وفي سياق متصل، أعلن عضو وفد «الهيئة العليا» المعارضة خالد المحاميد، أنها تسعى إلى أن «يكون هناك وفد واحد وليس موحداً»، موضحاً أن لجاناً تشاورية ستُشكَّل للتواصل مع منصتي القاهرة وموسكو لإيجاد صيغة والتفاهم على آلية». وأضاف أن «من الممكن رؤية أعضاء من منصتي القاهرة وموسكو ضمن وفد الهيئة العليا، إذا وقّعوا على مخرجات مؤتمر الرياض التي تمثل ثوابت الثورة». ومن جانبه، أكد عضو وفد «منصة القاهرة»، جمال سليمان، أنَّ هذه المجموعة تسعى إلى تشكيل «وفد موحد للمعارضة»، مضيفاً: «نحن لا ندعو أحداً للذوبان فينا ولا نذوب في أحد». وأضاف أنَّ «دي ميستورا كان يركز على إنجاز أكبر قدر من التقارب بين منصات المعارضة المختلفة... ونحن أجبنا بأننا نعمل من أجل ذلك وقطعنا شوطاً من الحوارات غير الرسمية مع بعض الأعضاء في الهيئة العليا، ومع زملائنا في منصة موسكو، ونود مواصلة ذلك».
(الأخبار، أ ف ب)