كثر ما يلفت في الريسيتال الذي تقدّمه عازفة البيانو تاتيانا- بريماك خوري غداً السبت في جامعة البلمند (الكورة/ شمال لبنان) هو البرنامج الذي يجمع 3 سوناتات للبيانو، واحدة لموزار واثنتان للمؤلفَين اللبنانيَّين الراحلَين بوغوص جلاليان (1927 — 2011) وأنيس فليحان (1900 — 1970).
والملفت أيضاً أنها اختارت من عند موزار السوناتة الأشهر، بفعل حركتها الثالثة والأخيرة التي يُعدّ لحنها من الأكثر انتشاراً في تاريخ الموسيقى. فهذه الحركة هي أيضاً الأقرب إلى الشرق في الريبرتوار الذي تركه المؤلف النمساوي للبيانو، إذ تحمل عنواناً يبيّن نَفَسها، أي ”على الطريقة التركية“. هذه الحركة هي أيضاً نعمة هذا العمل ولعنته، إذ أمّنت الشهرة لهذه السوناتة لكنّها حجبت بجمالها الفائق الحركتَين الأولى والثانية اللتين لا تقلّان جمالاً عنها، لكنهما أقل شعبية منها طبعاً. تستهل تاتيانا الأمسية بالعمل المذكور، ثم تتركنا نقارنه مع المساهمة اللبنانية في هذا الشكل الموسيقي. هكذا، تنتقل بعده إلى السوناتة الوحيدة (من ثلاث حركات) للمؤلف اللبناني من أصل أرمني، بوغوص جلاليان الذي رحل منذ بضع سنوات بصمت بعدما ترك بصمة مخفيّة كبيرة في الموسيقى اللبنانية من خلال عمله من الأخوين رحباني كعازف بيانو في أعمالهما. كذلك، تختم العازف اللبنانية-الأوكرنية البرنامج بالسوناتة التاسعة (من أربع حركات) لعميد المؤلفين الكلاسيكيين من أصل لبناني، الراحل أنيس فليحان (ولد في قبرص وعاش في الولايات والمتحدة). فلحيان من أبرز المؤلفين العرب الذين استطاعوا اختراق الصناعة الموسيقية الكلاسيكية في الغرب، إذ ساعده انتقاله إلى أميركا على الاحتكاك بعمالقة هذا المجال أواسط القرن الماضي (قاد له عملاً المايسترو الكبير ليوبولد ستوكوفسكي، على سبيل المثال). تركيب البرنامج بهذا الشكل ملفت، صحيح، لكن لا شيء غريباً فيه، إذ لطالما حرصت تاتيانا على أداء ريبرتوار المؤلفين المحليّين، فقد سبق أن خصّصت لهم أمسيات كاملة، كما سجّلت أيضاً أعمالاً لمعظمهم ولا تزال تعمل على هذا المشروع الموسيقي الوطني التوثيقي بدعم ”صفر“ من الدولة... دولة؟
—————————————

تاتيانا بريماك- خوري: ريسيتال بيانو غداً السبت في ”جامعة البلمند“ (الكورة/شمال لبنان)، 7:30 مساءً، الدخول مجّاني.