كثيراً ما تتهم الدراما التلفزيونية اللبنانية - عن وجه حق- بأنّها تجنح الى تسطيح الأحداث، وتنأى بنفسها عن الواقع المعاش في حبك القصص، وأيضاً في الديكورات، والتصوير الذي يأتي حصراً ضمن إطار العائلات فاحشة الثراء، التي تعيش في قصور فخمة، وتقتني سيارات فارهة.
لكن يبدو أنّ مسلسل «فخامة الشك» (تأليف وسيناريو وحوار كلوديا مارشيليان - انتاج شركتي «الصدى» و«غولد تاتش») الذي يعرض حالياً على شاشة mtv، قد دخل المتلازمة اللبنانية، وصدّر هذا التنميط الى مصر. تدور أحداث العمل بين مصر ولبنان، وتحكي عن صراع بين عائلتين لبنانيتين، بطل إحداهما يورغو شلهوب (دور أمير) يحاول مع تقدم الحلقات، الإنتقام من عائلة يحي (فؤاد شرف الدين)، عبر ألاعيب ينسجها على زوجة إبنه (سابين) وإبنته (جيسي عبدو)، في إطار عاطفي، بغية تفكيك هذه العائلة، والإنتقام منها بسبب سلبها كل ممتلكات عائلة أمير.
في هذه الحلقات المصوّرة في مصر، لم نرَ أجواء توحي بأنها منفذّة هناك. طيلة الحلقات السابقة، ظلت القصور والسيارات الفخمة، والعيشة المرهفة، حاضرة بقوة. لكنّ العارفين بأم الدنيا، لا يمكنهم أن يحيطوا بحيثيتها إلا بتصوير فقرائها وبيوتها العادية، بالإضافة الى حركة الناس في الشارع والإكتظاظ السكاني. غابت هذه المشهدية عن «فخامة الشك»، وحضرت هذه الصورة النمطية المنسوخة عن الدراما اللبنانية بقوة. طيلة هذه المشاهد، لم نر سوى النيل، فيما غابت باقي العناصر الحيّة والمكونة للمجتمع المصري، في إستمرار لإستغباء المشاهد، أو كما روّج بأن المشاهد مصورة في لبنان تخفيف لأعباء الإنتاج!.