«أطفال الحشيشة»، عنوان الحلقة الماضية من برنامج «للقصة بقية» (الاثنين) على قناة «الجزيرة»، والتي روّجت لأنّها تركّز على الجانب الإنساني. لكن بالتأكيد كان المضمون يُخفي وراءه اتهام «حزب الله» بحماية المطلوبين في البقاع، لا بل الموافقة على عمالة الأطفال السوريين في زراعة الحشيش.
انقسمت الحلقة إلى شطرين، الأوّل ميداني (نفذّته يمنى فواز بلباس متخفّ)، وآخر في الاستديو قادته فيروز زيّاني (الصورة) مع ضيفيها الكاتب حارث سليمان ورامي اللقيس (جمعية الدراسات)، محاولة إعطاء الحلقة الطابع الإنساني والحريص على الطفولة السورية المقهورة.
لكن ما فتئت أن كبّت جمّ تركيزها على «حزب الله»، وسط سؤال: «لماذا صمت الدولة وحزب الله عن هذا التعدّي في مناطق نفوذهم؟».
في الشقّ الميداني، جالت كاميرا البرنامج في البقاع، ودخلت مخابئ عدّة كما قالت، ومعامل صناعة الحشيشة، متعقبة هذه العملية عبر وسطاء للوصول إلى «الطفّار» والأطفال السوريين الذين يعملون في حقول الحشيشة كي يعتاشوا. في الحديث مع هؤلاء، لا سيّما المسلحين منهم، يؤكّدون غياب الدولة وفرص العمل، الأمر الذي يدفعهم إلى هذه التجارة لدرجة دفاعهم عن عمالة الأطفال بأنّهم مضطرون لمصارعة الحياة من أجل العيش، قبل امتلاك «خبرة». لم تخل هذه الأحاديث من توجيه أسئلة حول حماية الحزب لهذه المناطق ورضاه عما يحصل. من البقاع إلى الدوحة، بدت مناقشة زيّاني لضيوفها في الاستديو مركزة على أجندة واحدة: اتهام «حزب الله». أتى عنوان النقاش على الشكل التالي: «زراعة الحشيش تنشط في مناطق نفوذ حزب الله، وفي مناطق عصية على السلطة». مع تأكيد حارث سليمان (المعارض لحزب الله) أن الحزب غير مسؤول عن تجارة الحشيش لأنها موجودة قبل الحرب الأهلية، أصرّت زياني على اتهام الحزب، مستندة إلى ما أسمتها «مصادر». أكدت أن «حزب الله» يموّل نفسه من هذه التجارة، وأن «الكبتاغون» يصنّع في مناطق محاذية للضاحية الجنوبية وتحديداً «الشويفات». وبعد هذا التصنيع، تضيف زياني أن الحشيش يذهب إلى إيران ليصدّره الحزب إلى الخليج. إذاً، حلقة «للقصة بقيّة» كان يلزمها بقية، لا تتّخذ من القصص الإنسانية مطية لتّتهم طرفاً لبنانياً على خصوم معه. كان على مقدّمة البرنامج أن تُجيد أكثر طرح الأسئلة حتى لو كانت معدّة سلفاً ضمن أجندة سياسية واضحة بطريقة غير مفضوحة بما خرجت عليه في هذه الحلقة.