«أحسّ أني خسرت عمري كله، كان عليَّ أن أعرف أقل بكثير من خبرة الـ 27 عاماً، لعلّ السبب يكمن في أن حياتي لم تكن مضيئة، فالحب، وزواجي المضحك في الـ 16 من عمري، زلزلا أركان حياتي. على الدوام، لم يكن لي مرشد، لم يربّني أحد فكرياً وروحياً. كل ما لديّ هو منّي، وكل ما لم أحصل عليه، كان بمقدوري امتلاكه لولا انحرافي وعدم معرفتي لنفسي...».
بالتلقائية التي خرجت فيها قصائدها كالإعصار، كتبت الشاعرة فروغ فرخ زاد (1935 ــ 1967) رسائلها العاطفية التي كانت ـــ كما أشعارها ـــ طريقها إلى التحرّر. أهم الشاعرات في الأدب الإيراني المعاصر، التي لا يزال صوتها يجد أصداءه لدى جيل كامل من الشاعرات والشعراء في إيران كمنيرة بَروَرِش وفرزانه قوامي، عادت أخيراً إلى الواجهة. إذ نشرت الباحثة الإيرانية فرزانه ميلاني سيرة لها، مع مجموعة من رسائلها غير المنشورة بعنوان «فروغ فرخ زاد .. سيرة ذاتية أدبية برفقة رسائل غير منشورة». أبرز هذه المراسلات، هي تلك التي تبادلتها مع الكاتب والسينمائي الإيراني إبراهيم كلستاني الذي يعيش حالياً في بريطانيا. كتبت لكلستاني كمن يكشف حياته على الملأ بفطرية وفجاجة هادئتين، كما في قصائدها التي أسهمت في صقل ملامح للمرأة الإيرانية المعاصرة المتفلّتة من مختلف أشكال السلطات الأبوية. ورغم أن علاقتها مع كلستاني أتت كالنجاة من ترسبات زواجها المبكر، إلا أنها لم تخل بالطبع من الإنهيارات، ومن تلك الصلة المتلبسة مع الحياة والرغبة والموت التي طبعت أدبها. بالتزامن مع الذكرى الخمسين لرحيلها، نشرت صحيفة «الغارديان» البريطانية قبل أيام مقابلة مع كلستاني، الذي تحدّث عن علاقته الغرامية مع فرخ زاد للمرّة الأولى منذ وفاتها بحادث سير وهي في بداية الثلاثين. تلك العلاقة التي نشرت فيها فرخ زاد أهم كتبها الشعرية مثل «ولادة ثانية» (1964)، بدأت أواخر الخمسينيات، حين وظّفها كلستاني كسكرتيرة في مكتبه، قبل أن تتحوّل العلاقة بينهما، مع أن كلستاني كان متزوجاً ولديه أربعة أولاد حينها. يجمع عدد من الباحثين على تأثر فروغ بكلستاني الذي عرّفها على الأدب الغربي الحديث، قبل أن تخرج معه فيلم «البيت أسود». من منزله البريطاني، لا يزال الرجل التسعيني مسكوناً بهذه العلاقة: «أنا أتحسّر على كل تلك السنوات التي لم تكن فيها هنا... لقد كنا مقربين جداً، لكني ما زلت لا أستطيع أن أقيس حجم مشاعري نحوها».