«لأنك متغيّر عليي حبيت غنيلك هالغنية/ وإذا مش قادر تحبني بلكي تحب الغنية/ وترجع من بعدها تحبني شويّ/ ولأنّي عملت اللي عليي ما عاد تعنيلي هالخبرية/ يمكن بس أبعد عنك وإقدر إنساك شويّ/ وترجع من بعدها تتحسر عليي/ رح تندم عليي ورح تنده علي وتقللي تغيرتي...». الكلام السابق مع الروح التي تطغى على ألحان الموسيقي السوري إياد الريماوي صاحب الكلام أيضاً، يمكن أن يشكّلا انطلاقة متواضعة لمغنية مغمورة تجرّب أن تشق طريقها إلى عالم الفن بعمل من هذا النوع.
لكن أن تقدّمه ممثلة معروفة مثل نسرين طافش (الصورة)، تمتلك سويّة أدائية عميقة، تواكبها خامة صوتية معقولة، فالأمر حتماً سيترك انطباعاً مختلفاً، وأسئلة جوهرية، حول جدوى هذه التجرية وضروراتها، وماذا ستقدّم لصاحبتها في هذا التوقيت، خصوصاً بعد تصوير الأغنية على طريقة الفيديو كليب تحت إدارة اللبناني سعيد الماروق، ثم طرحها أخيراً على مواقع التواصل الاجتماعي؟!
لا يمكن محاكمة هذا العمل الغنائي بشكل مستقل عن قيمة نجمة «جلسات نسائية» (أمل حنا، والمثنى صبح)، أو موقعها على خارطة الدراما العربية، سيّما أنّها اسم مطلوب في الدراما، وربما بات يحقق رواجاً للعمل الذي تشترك فيه، مما دفع بعض الأقلام الصحافية، ونجوم الدراما السورية وغيرهم، للحديث عن أغنيتها الأولى رغم محدوديتها، وعجزها عن ترك صدى إيجابي لدى المستمعين، أو فلنقل قصورها في تحريك مشاعر المتلقي كما يجب.
هكذا، انحدرت بعض التعليقات على السوشال ميديا إلى الفضائحية، مذكّرةً من دون مناسبة بتاريخ طافش وزواجها من رجل أعمال إماراتي، وافتتاحها شركة إنتاج ومجلة شهرية، ومن ثم فشل زواجها وإغلاق مؤسستها الفنية... وفي ذلك استمرار للحرب الشعواء التي شنّت ضد الممثلة المعروفة بعد التصريح التلفزيوني الشهير لزميلتها ديمة بياعة، بينما تبرّأ آخرون من الخوض نقدياً في هذه الأغنية بذريعة عدم الاختصاص! على خط موازٍ، انبرت المخرجة رشا شربتجي على سبيل المثال للاحتفاء بنجمة مسلسها «شوق» (تأليف حازم سليمان، إنتاج إيمار الشام وباسم زيتون ــ قيد التصوير)، ونشرت رابط الأغنية على صفحتها الشخصية على فايسبوك، منوهّة بـ «بصوت طافش والإحساس العالي الذي تتمتّع به، وبأجواء الريماوي الساحرة وعالمه الخاص الذي يستطيع نقل مستمعيه إليه بلحظة واحدة».
على أيّ حال، الأغنية لم ترق إلى مستوى احترافي، كونها تقصّدت التوغّل في البساطة إلى حدود السذاجة في صياغة الكلام، والشكل التمثيلي الذي ظهرت فيه طافش ذاتها، وهي تلعب بطولة الكليب، رافقتها لمسة موسيقية تقليدية خلت من أي تجديد بالنسبة لشغل الريماوي، رغم ما يُشهد له من نجاحات متلاحقة في الموسيقى التصويرية وأغاني شارات لمسلسلات السورية، منها «ضبّوا الشناتي» (ممدوح حمادة، والليث حجو) و«العرّاب» (رافي وهبي، وخالد خليفة، وأحمد قصّار، وحاتم علي) وغيرهما.
مع ذلك، لا يمكن اعتبار الأغنية سقطة، أو إخفاقاً فنياً، أو خطوة إلى الوراء، على اعتبار أنّها التجربة الغنائية الأولى لممثلة شكّلت حالة خاصة، وعرفت كيف تستقطب تعاطف الجمهور وانسياقه لشغلها الدرامي.
أحبّت نجمة «أحلام كبيرة» (أمل حنا وحاتم علي) خوض غمار الغناء، وربّما يحق لها أن تعيد الكرّة بوعي ونضج أكثر، مستفيدة من عيوب التجربة الأولى. على الأقل، لم تترك طافش خلفها ضجيجاً وصخباً ونشازاً مؤذياً للأذن أو العين، كما يفعل عدد كبير من مغنيات الوطن العربي حالياً.