وردة حمراء أم أسطوانة غاز، زجاجة نبيذ أم لتر من المازوت؟ إلى هذا الدرك، وصل انكسار العاشق السوري! تستنكر إحداهن بعنف هذا النوع من الرثاء ليوم استثنائي رغبتْ أن ينجو من حطام بقية أيام السنة حتى لو كان افتراضياً، ولو بأغنية، أو بسنجاب محاط بقلب متحرّك من غابة الالكترونيات. وبقصد شحن المعنويات، أهدته عناقاً افتراضياً طويلاً يكفيه طوال فبراير، بدلاً من موقد الحطب الذي ما انفك يستعيده في حديثهما «إليكَ ذراعيّ كي تطعن الزمهرير بعناقي» ثم إنني أقرأ كتاب «معارك قيس وليلى» لآلان وباربرا بيز. ربما كانت معركتنا- في فهم معنى العشق- استمراراً لصراع هذين العاشقين، المسألة بيولوجية أيضاً.
سوف يندحر إلى الخلف قليلاً، مستعيداً شجرة صنوبر عتيقة، من دون فؤوس، بغريزة متوثبة، وسيكتشف وسط الحطام نصوصاً تعينه على نزهات عشقٍ لا تعترف بالخراب، متوغلاً بخزائن التراث، وقد وجد ضالته باكراً لدى شاعر عباسي شفيف هو ماني الموسوس بقوله «ظبية كالهلال لو تلحظ الصخر بطرفٍ لغادرته هشيماً». ولكن ظباء اليوم مخذولات، ومكسورات بضغط الفتاوى الشرعيّة التي تدعو إلى تعدّد الزوجات لمواجهة مشكلة العنوسة في الحرب، من جهة، وهشاشة أحوال العشّاق من جهةٍ ثانية. واجهات شوارع دمشق تكاد تخلو من بهجة عيد العشّاق، فيما انشغل محترفو الفوتوشوب بصبغ اسطوانة الغاز الزرقاء بالأحمر بدلاً من الورود، كهدية من العيار الثقيل. قصيدة إيليا أبو ماضي بصوت ناظم الغزالي «أيّ شيء في العيد أهدي إليك، يا ملاكي، وكلّ شيء لديك؟ أسوار؟ أم دملجاً من نضار؟ لا أحبّ القيود في معصميك. أم خموراً؟ وليس في الأرض خمر، كالتي تسكبين من لحظيك، أم وروداً؟»، اختفت من أرشيف الإذاعات المحليّة، على الأرجح لضرورات لوجستية صرفة.
ظباء اليوم مخذولات، ومكسورات بضغط الفتاوى الشرعيّة