بعد بضعة أسابيع فقط، يعود جوليان ليبير (1987 ــ الصورة) إلى لبنان ضمن برنامج «موسيقى الحُجْرة» التي تنظّمه «الجامعة الأنطونية». في المرة الماضية، قدّم أمسيةً ضمن «بيروت ترنّم» في تركيبة ثلاثية جمعته بزميليه الأخوين سيفاك (كمان) وهراتش (تشيلّو) أفانيسيان. الأمسية هذه المرّة مختلفة. ليس لأنّها ريسيتالاً للبيانو المنفرِد، بل لأنّها مخصّصة لباخ دون سواه.
وهذا نوع خاص جداً من الأمسيات التي يكون فيها كل من العازف والجمهور في حالة من الجدّية والرهبة (لماذا؟).
نهاية العام الفائت، نال ليبير (مع زميله عازف الكمان الإيطالي لورنزو غاتو) جائزة عن أسطوانة لبيتهوفن، وتحديداً لناحية التسجيل الصوتي. قدّم له ذلك دفعة مطلوبة في عالم الموسيقى الكلاسيكية، فهو شاب موهوب ويستحق الدعم. ويبدو اليوم، واستناداً إلى برنامج أمسيته الليلة، أنّه متوجِّه إلى العمل على مشروع تسجيل لأعمال باخ. فالبرنامج مخصّص بالكامل للمعلّم الألماني، وتحديداً الأعمال المبنية على سلسلة متتالية من إيقاع الرقصات التي كانت معروفة في ذلك الزمن: «المتتالية الفرنسية رقم 5»، و«المتتالية الإنكليزية رقم 3»، والـ«بارتيتا رقم 2» (غلان غولد يتمرّن على هذا العمل في الرابط أدناه). طبعاً، بالنسبة لمحبّي باخ وأصحاب الخبرة في أعماله، هذه الخيارات من أجمل ما يمكن جمْعه في برنامج أمسية واحدة. وبالمناسبة، تكلّمنا في السابق عن البيانو الجديد التي اقتنته «الجامعة الأنطونية» وافتتحته عازفة البيانو الفرنسية بياتريس رانا التي عزفت «تنويعات غولدبرغ» لباخ أيضاً (لمن يهمّه الأمر، سيصدر تسجيلها لهذا العمل في 24 شباط (فبراير) الحالي)، وهو من إبداعات الصانع الإيطالي «فازيولي». إنها الآلة التي سيعزف عليها الليلة جوليان، وهذه نقطة قوّة تتمتّع بها الأمسية، إذ سمعنا في السابق كم هو مناسبٌ هذا البيانو لهذا النوع من الأعمال التي تقوم أوّلاً على البُنية الشديدة الدقّة والمتانة.

*جوليان ليبير في أمسية مخصّصة لباخ: اليوم الساعة الثامنة مساء ــ «الجامعة الأنطونية» (الحدث/ ــ بعبدا). الدخول مجّاني.