ليست المرّة الأولى التي يواجه فيها رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي علي قانصو استقالة أعضاء من المجلس الأعلى في عهده. في عام 2005، بحجة «التفرد والهيمنة على القرار داخل الحزب»، استقال النائب السابق أنطون خليل، والأمينان عبد الكريم عبد الرحمن وعبدالله حيدر.
وفي ولايته الرئاسية الرابعة (الحالية)، استقال يوم الثلاثاء الماضي رئيس المجلس الأعلى محمود عبد الخالق والرئيس السابق للحزب جبران عريجي ونائب رئيس الحزب توفيق مهنا والأمين العام للمؤتمر العام للأحزاب العربية قاسم صالح (كان مُرشحاً على اللائحة التي شكّلها الرئيس السابق أسعد حردان لانتخابات المجلس الأعلى)، قبل أن ينضم إليهم أمس النائب السابق غسان الأشقر.

يريد المستقيلون محاورة حردان وليس قانصو لأن الأول
يملك القوة
الانتخابية الواسعة


الأخير لا يتضامن مع رفاقه وحسب. هو معترض أيضاً على طريقة توزيع لجنة المَنح (برئاسة كمال الجمل) لرتبة الأمانة، فشكلت استقالته مزيداً من الضغط الداخلي الذي ساهم في إرجاء اللجنة اجتماعها أمس. المجلس الأعلى لم يلتئم أيضاً، وكان على رأس جدول أعماله تلاوة الاستقالات لتُصبح نافذة بعد ثلاثين يوماً في حال لم يتراجع أصحابها عنها. سبب التأجيل هو «وساطات بين الطرفين أدّت إلى تعليق الحملات الإعلامية والدعوة إلى حوار من أجل البحث عن حلول»، كما يقول أحد الأعضاء المستقيلين لـ»الأخبار». هل تعنون بالطرف الثاني قانصو؟ «كلاّ، هو لم يُبادر ونحن نرفض الحوار معه»، تجيب المصادر. المستقيلون الذين يؤكدون عند كلّ مناسبة أهمية التزام المؤسسات داخل «القومي» وينتقدون «هيمنة حردان على القرار»، يريدون محاورة الأخير وليس رئيس حزبهم، «لأن حردان هو من ساهم في انتخاب قانصو ولديه القدرة على اختيار شخصية أخرى، وهو يملك القوة الانتخابية الواسعة»، إضافة إلى أنّ المستقيلين يعتبرون أنّ قانصو اتخذ قرار توزير نفسه من دون استشارة القيادة، علماً بأنّ «القومي» كان مُتمسّكاً بالتمثيل بوزارة مع حقيبة من حصة الطائفة الأرثوذكسية، على أن يتولاها حردان. كذلك فهم يرون أنّ الاستقالة لا تعني سقوط خيار حردان، «بل فشل قانصو الذي لم يعرف كيف يتصرف ولم يحترم المجلس الأعلى». بادر نائب مرجعيون إلى بعث رُسلٍ للتفاوض مع الفريق المعارض «ونحن لا نستطيع أن نرفض الحوار لأننا نريد أن نأكل العنب لا أن نقتل الناطور». من المتوقع أن تُعقد أول جلسة بين الطرفين مطلع الأسبوع المقبل، وقد يُشارك فيها جبران عريجي الذي عارض حردان في حزيران خيار انتخابه رئيساً للحزب، والذي يُقاطع جلسات المجلس الأعلى منذ انتخابه. يبدو المعارضون متفائلين هذه المرّة، «لأن حردان يعترف بوجود أزمة في الحزب ويجب حلّها. نتطلع إلى تعزيز الوضع الداخلي».
مصادر مقربة من القيادة تقول إن «هناك مساعي لأكثر من الحوار مع المعترضين أيضاً. أعدنا تحريك ملف الوحدة مع وزير المصالحة في الحكومة السورية علي حيدر (تنظيم «العمّ»، نسبة إلى رئيس الحزب الراحل جورج عبد المسيح) واتفقنا على جلسة قريباً». قبل أيام كانت المصادر تستبعد استقالة قانصو من رئاسة الحزب، لأسباب عدّة أبرزها غياب البديل واقتراب موعد الانتخابات النيابية. لكن فتح باب الحوار عدّل جواب مصادر قيادة الروشة إلى الصيغة الآتية: «يمكن أن يؤدي الحوار إلى هذه النتيجة، أو يكون هناك مخرج آخر».
أطلق المعارضون معركةً عنوانها «تحصين الدستور» الحزبي، اعتراضاً على عدم استئذان قانصو المجلس الأعلى قبل القبول بالحقيبة الوزارية، كون دستور الحزب يشترط أن يُمارس الرئيس مهماته متفرغاً. تهدئتهم لا تعني تراجعاً، بحسب ما يقولون: «مستمرون في الاستقالة لتحقيق مطلبين: استقالة قانصو، وأن يكون الدستور هو الحكم بيننا، وليس وفق منطق أكثرية تُهيمن على السلطة بمعزل عن المؤسسات».