حين تحدّث النائب علي عمار خلال الجلسات التشريعية عن وجود حزب للدولة وحزب للبلديات، قدّم خير مثال على أن المشكلة في البلد تعمّقت حتى وصلت جذورها إلى الأساس، وأصبح كل شيء خاضعاً للفائدة الذاتية التي سيجنيها النواب من وراء القوانين التي يُقرّونها. ما يقولونه وما يُصرّحون به لا يتعدّى مجرّد شعارات تُكتب. فجريهم في اتجاه إقرار مشاريع على قياس أحزابهم وتياراتهم، لم يعُد محصوراً فقط بقانون الانتخابات الجديد.
بات واضحاً أن النزعة الفردية لأصحاب السعادة تتحّكم حتى في تشريعهم القوانين الحياتية.
بعد البلديات، كان معظم النواب خلال الجلسة التشريعية التي عُقدت أمس حاضرين ومتأهّبين للدفاع عن «حقوقهم»، خلال النقاش في قانون الإيجارات. ما إن فُتح الجدل بشأن هذا البند، حتى حصل الهرج والمرج. نواب مع القانون ونوّاب ضدّه، خلال «تفاوض» لم يخلُ من الحسابات الشخصية والانتخابية، في وقت خرج فيه همس بأن بعض النواب المتحدثين يقومون بذلك بخلفيات التفصيل على القياس، فمنهم المستأجر كالنائب زياد أسود، ومنهم المؤجّر كالنائب نعمة الله أبي نصر. ففيما أراد أسود نسف الاقتراح من أساسه، عارض أبي نصر أيّ تحفيزات للمستأجر على حساب صاحب الملك! وبالمناسبة، فإن النائبين اللذين ينتميان إلى الكتلة نفسها، هما عضوان في لجنة الإدارة والعدل التي تولّت إنجاز اقتراح القانون، ما يظهر حجم الخلاف حوله حتى بين أصحاب البيت الواحد.

تمنّى الحريري
إعطاءه فرصة 10 أيام لدراسة مشروع المتعاقدين ككلّ

على مدى سنتين، منذ إقراره في عام 2014، استمرت اللجنة في دراسة المشروع، حتى أبصر النور بعد نقاش دام ساعتين، أجمع النواب خلاله على تعديل القانون بحيث عُلّق تطبيق مواده المتصلة بصندوق المساعدات وتقديماته والمراجعات القضائية في الأساس والتنفيذ أو الأحكام التي صدرت والتي تحدّد بدل الإيجار أو الإخلاء الى حين دخوله حيّز التنفيذ، خلافًا لأي نصّ آخر، أي حتى ينشأ صندوق المساعدات ويتمّ تأمين أمواله. وهذا التعديل أقرّ بعد الاستفاضة في تشريح مواده، ولا سيما لناحية صندوق مساعدات المستأجرين ومواصفات الأبنية المستأجرة والتعويضات. وكان النائب وليد سكرية أكثر من علّق على المواد بالتفصيل الممل، مطالباً بتعديل عدد من النقاط، منها رفع قيمة المساعدة لتعادل 40 في المئة من قيمة المأجور وفصلها عن بدل المثل لكون المستأجر سيستوفي المبلغ كلياً من المصرف ويتحمل فوائد 9 - 12 سنة، وخفض بدل المثل الى 3 في المئة. كذلك توسيع فئة المستفيدين من المساعدة حتى 7 أضعاف الحد الأدنى للأجور، واحتساب دخل الزوج والزوجة من دون الأولاد. وطالب أيضاً بعدم خفض تعويض المساكن المؤجرة الفخمة الى النصف، وتشكيل لجنة لدرس السياسة الإسكانية، غير أن معظم اقتراحاته قد سقطت. وبعد أن حاول النواب تمييع القانون لتأجيله، اصطدموا بإصرار الرئيس نبيه بري على إنجازه خلال الجلسة. مصادر نيابية رأت أن «التعديلات التي أقرّها مجلس النواب هي تعديلات شكلية لا تغيّر في القانون»، وتساءلت عن «استعداد الدولة لإنشاء هذا الصندوق، نظراً إلى الكلفة الباهظة التي ستترتب عليها، والتي تتجاوز ملياري دولار، كما قال وزير المال علي حسن خليل خلال الجلسة».
حصيلة الجلسة التشريعية صباحاً رست على إقرار القانون الرامي الى تنظيم ممارسة مهنة الطب. كذلك صادق المجلس على اقتراح القانون الرامي الى الحق في الوصول الى المعلومات معدّلاً، بعد إضافة كل من الهيئات الناظمة والصندوق السيادي المرتبط بملف النفط. وأقرّ أيضاً المرسوم المتعلق بالأدوية والأدوات الطبية، وقانون نظام كتاب العدل، وتعديل قانون تنظيم القضاء الدرزي، وإجراء مباراة محصورة لملء الوظائف الشاغرة في ملاك موظّفي المحاكم الدرزية. ومن خارج جدول الأعمال، أقرّ مجلس النواب اقتراحاً يقضي بتمديد ولاية المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى، فيما علّق بتّ الاقتراح المتعلق باكتساب غير اللبنانيين الحقوق العينية العقارية.




قضية تثبيت المتعاقدين مع وزارة الإعلام

على الرغم من أن قانون الإيجارات كان نجم الجلسة التشريعية، غير أن النواب انشغلوا بقضية تثبيت المتعاقدين مع وزارة الإعلام اللبنانية، حيث أجريت اجتماعات مكثّفة للخروج بحلّ. فبعد أن نفّذ المتعاقدون اعتصاماً في رياض الصلح، واجتمعوا بالأمين العام لمجلس النواب عدنان ضاهر الذي حمل مطالبهم الى الرئيس بري، التقى على هامش الجلسة وزير الإعلام ملحم الرياشي ورئيس لجنة الإعلام والاتصالات النيابية النائب حسن فضل الله مع بري، وتم الاتفاق مع رئيس الحكومة سعد الحريري على فصل مشروع تثبيت المتعاقدين في وزارة الإعلام عن سائر المتعاقدين في الوزارات الرسمية. كذلك عقدت خلوة بين الحريري والنائب إبراهيم كنعان وفضل الله، لإعادة إدراج قانون المتعاقدين في وزارة الإعلام على الجلسة التشريعية، مطالبين بالعودة الى الاقتراح الأصلي كما أقرّته لجنتا الإعلام والمال، وحفظ حق المتعاقدين الآخرين مع الإدارات العامة. وفيما لفتت مصادر نيابية إلى أنه كان متوقعاً أن «يمر المشروع بشكل سريع، وعلى هذا الأساس انتظرنا تقرير الكلفة المالية من وزير المال، حسب الاتفاق بين الرئيسين بري والحريري»، إلا أن الأخير تمنّى إعطاءه فرصة 10 أيام لدراسة المشروع ككل، وإذا لم يتم الاتفاق حوله، فسيتم فصل موضوع متعاقدي وزارة الإعلام عن متعاقدي الإدارات العامة كافة. وبناءً عليه قرر المتعاقدون في وزارة الإعلام العودة الى العمل اعتبارا من اليوم، وذلك بعد اعتصام حاشد نفذوه امس امام مجلس النواب، وامتنعوا عن بث اي اخبار ما عدا اخبار اعتصامهم وبيانات الدعم والتأييد التي صدرت عن وزراء ونواب واحزاب وجمعيات مختلفة.